عَلَّه القابعُ فى سخريتك من الأشياء
هو ما يحرِّك فيك دماءً ماتت منذ دهور …
والصبر ….. مفتاحٌ لأبواب عمرك الموصدة
تغيب كثيراً …. كمطر لم يسقط أبداً من عين سحابة لم تتكوَّن بعد !!!!
وتتركنى وحيداً منفيَّاً على أرصفة غريبة منفية !!!
أنت … كما أنت …
وأنا الوحيد الباقى فى الطريق …..
الذى تأكلُه دقات أقدام العابرين فى تعبٍ …
بين رصيفٍ منفىٍّ … وآخر
مارقٍ بين بحرين ….
تنفجر من مقلتيك اثنتا عشرة سماءً…
قد علم كل أناس نجمَهم الهاوي …
وأنت الذى بشَّرهم …. بـ ….
(المدُّ الذى فاجأ الوادى …. فغفونا …. فاستقلَّ ….. )[1]
وحدَك الشاربُ من عين القِطر ….
وما بين الصَّدفيْن مُسَوَّىً ….
هذا سدٌّ … وتلك إشارة مرور …. وعلى الجانب الغربى من الحائط ….
كانت أمُّكَ تبكى بين طواسينَ وحواميمَ ….
وبعضٍ من ترابِ أبيك ….
يغسلُ عينيك ممَّا علقَ بهما من رمدِ البِيد …..
وأزمنةِ الأرَضَةِ التى أكلتْ فبانَ سرُّهم ….
مارقاً بين بحرين ….
تسجدُ فى المدَى …. مدجَّجاً بحروفِك التى ما لقفتْ ما أَفِكوا …
وما انثنى لك الجبلُ … وما نُتِقَ ….
إن هى إلا بعضٌ من غماماتٍ لا تشكِّل السماءَ …
فالسماءُ التى تشكَّلتْ … أكلوها قبلَ المنِّ والسَّلوى …
وتركوكَ بالوصيد وحدك ….
لا تراوغْ عن دمٍ أتيتَه أو خرقٍ بسفينٍ أو جدارٍ أرادَ أن ينقضَّ فلم تبالِ !!!!
وكأنهم لم يرَوْك ……
وأنت تفرشُ روحَك للطريق …. خبزاً طرياً … وماءً فراتا !!!
وكأنهم ….
لم يدركوا خُطاك على جمر الشوارع الملتهبةِ بالغُصَّة والانْحسار ….
وكأنهم لم يكونوا هنا ….
أو كأنك …. ما كنتَ فيهم حين ألقَوْا الأقلامَ ….
أيُّهم يكفلُ جراحاتِك الأبديَّةَ !!!!
قريباً من السماء …
سوف ينسحبون الآن على وجه السرعة …
من وجهك … من علامات الإرهاق المزمنِ … من وجع الساعات التى لا تريد أن تمرَّ …. من أزمةٍ تنفسيةٍ دائمةٍ …
سوف ينسحبون …
تاركين لك المساحةَ الأخيرةَ للاتِّكاءِ منفرداً …. على جناح البحر …
إخلعْ نعليك ولا تجادلْ فيهم منهم أحداً ….
إخلعْ نعليك …. هناك حيثُ الحضورُ إجباريٌّ على الموتى المقرَّبين
سيداً ….
تتأرجحُ بين دواماتٍ متآكِلةٍ …
هذه البلادُ التى نسيَتْ … وتلكم البلاد التى أفلتْ ….
وهاتيك البلادُ التى أشعلوها على عجلٍ وتنشقُّوا دخَانها ….
كلهم يمرقون … من دمك الطريِّ …
يتناثرون فى نهاية المدى ….
مَجَرَّاتٍ وشهباً ترصدُ أصحابَ السَّمع المسترق …
يستقرون فى النهاية على أول الطريق …
ينسَوْنك كلياً ….
ثم فى أناةٍ …. يعبرون !!!!!!