الرجل الذي لا أعلمُ بأنه يُحبني لهذه الدرجة
اشترى لي قبراً إلى جوارِ قبره
ذَيَّلَ شاهدتيهما بإسمَينا
وتركَ تاريخ الوفاةِ فارغاً.
…
الرجل الذي لا أعلمُ بأنه يكرهُ الشِعرَ لهذه الدرجةِ
يبحثُ في المجلاتِ و الجرائدَ
عن صالاتٍ فخمةٍ للايجارِ
ريثما يحينُ موعدَ توقيع ديواني الأوّل
و تركَ تاريخَ الحجزِ فارغاً.
…
الرجل الذي لا أعلمُ بأنه سعيد بزواجهِ مني لهذه الدّرجة
يقوم في الهزيعِ الأخيرِ منَ الليلِ مصليّاً
يطيلُ في سجودهِ
يكثرُ من الدعواتِ
ينظرُ نحوي باسماً
ثم يتركُ تاريخ الاعتراف بشغفه فارغاً.
…
الرجل الذي يعلمُ بأني متسامحة لهذه الدرجة
يأتي إليّ بكاملِ أوزارِ طينه
بكامل أدرانِ خطاياه
يأتي راكضاً
يأتي زاحفاً
يأتيني حابياً
… لا يهمْ
فهو يعلمُ تماماً طهرانيته في حضني
و بأنني سأتركُ تاريخ اللّوم فارغاً.
…
الرجل الذي يعلمُ بقدرتي على امتصاص غضبه لهذه الدرجة
يأتيني ساخطاً
يأتيني حانقاً
يأتي مُتنمراً
يهددني بأبغضِ الحلال
و يتركُ تاريخَ القَوامة فارغاً.
…
الرجل الذي يمتدحُ طَهوي الشّاميّ لهذه الدرجة
يتباهى بي أمامَ أقرانه
يسردُ عليهم تفاصيل الولائم
يحشو الثلاجات بما تيسر له من كرمٍ
و يتركُ الكرسيّ الرابع على الطاولة فارغاً.
…
الرجل الذي يعلم بأني أحبّ حضوره لهذه الدرجة
و لا يدري بأنّ طريقَ الألف قصيدةٍ تبدأ بقبلةٍ
ينصتُ مبهوتاً
.. مسحوراً
.. عاشقاً
و بكامل حذرهِ
لتدريباتي الصوتيّة وقتما أحاولُ إتقانَ نَصٍ ما
تشرقُ إحدى ضحكاته الطازجة
و يهمسُ : كم صباحاً شربتْ حُنجرتكِ حتى أنبتتْ هكذا بُحّة؟
أجيبُ/ : جميع التي أخلفتَ مواعيدكَ فيها!
و أُتابعُ الحِفظ.
…
المرأةُ التي باحت بما سلفَ ولتلكَ الدرجةِ
تخافُ أن تموتَ وحيدةً
بلا ديوانٍ
بلا حبٍ
بلا عتابٍ
صامتة
و جائعة
تدعُ الأدرينالين يقودها
لتكتبَ الكثيرَ من هذا الهراءِ
ثم تتركُ عنوانَ القصيدة فارغاً.