انا لغز الأفلاك/بقلم:امة اللّه الاحمدي

إنني أبعد من أن تُحيط بي الأوراق أو تُقيّدني الشهادات؛ فما عرفتَ عني ليس سوى الوهج الذي سمحتُ له بالانبثاق من عتبة بابي.

عمقي سراديب تمتد تحت أفلاك المجرات والأقمار، محرابٌ مقدّس، ولغزٌ أزليٌّ للكون، عصيٌّ على الاكتشاف. هذا العمق فظيع، يتجاوز حدود التصور، وقد يكون سوداويًا ومخيفًا.

أنا الكيان الذي ينسج خيوط الزمان والمكان، أتلاعب بتراتيل الحروف ونظم الكلمات. لا أُدرَك بالحواس، بل أسير من تقاسيم الهواء وأُحاكي خيوط الضوء؛ لستُ شيئًا ملموسًا يمكن الإحساس به.

لإدراك انائي، تحتاج إلى ألف سنة ضوئية من السفر، والشرب من بحار الميثان المريخية، والوقوف على حلقات زحل المائلة.

فخلف هيئتي الوديعة، تختبئ مخالب الصقور الجارحة. لقد نحتُّ لنفسي قوقعةً ماسية، يستحيل على البشر اختراقها أو إطفاء وهجها.

أوهمتُك بوجودي بين الغياب والحضور، بينما كنتُ أنا من أحكم عقد الوصال. وحيث تسير السفن، لم أكن الشراع الذي يُدفع، بل كنتُ التحدُّب الذي يشقُّ طريقها، القوة الكامنة التي ترسم مسارها في العباب.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!