هل هذه بيروت(1)/بقلم: محمد عمربحاح(حضرموت – اليمن)

منتصف النهار هبطت مطار بيروت ومعي عبير حياتي
قادمين من القاهرة . لم تستغرق الرحلة على متن الخطوط الجوية اللبنانية ” طيران الشرق الاوسط ” غير ساعة واحدة . قلت لعبيري بعد ان هبطت الطائرة :
– اجدادنا كانوا يستغرقون اشهرا على ظهور الجمال والبغال في رحلة كهذه ! موافقة اشادت بالعلم الذي جعل الانسان يقصر المسافات ويسافر بين القارات في اقل زمن، وذكرت فضل الأخوين ” رايت” اللذين كانا اول من اخترع الطائرة ، ولم تنس محاولةجدنا عباس بن فرناس الذي دفع حياته ثمن محاولته التحليق لتجسيدحلم البشرية في الطيران !!
《شوفير》السيارة التي نقلتنا من مطار ” رفيق الحريري الدولي ” إلى فندقنا في شارع صائب سلام ، قريبا من قصر التينة مقر نبيه بري رئيس مجلس النواب ، رئيس حزب امل وواحد ممن يصنعون السياسات اللبنانية منذ عقود ، نصحنا ان نستمتع برؤية بيروت مابقي من ضوء النهار ، مع ان الوقت كان ظهرا والشمس في كبد السماء ! وعندما رأى الدهشة على وجهي وعبيري ، قال لنا لان بيروت تسبح في ….
في المساء اكتشفنا ماكان يعنيه الشوفير …
اردنا السير على اقدامنا واكتشاف متعة بيروت في الليل . بالكاد كنا نتلمس مواقع اقدامنا على اضواء صادرة من المنازل ، او بعض المحلات المفتوحة ، او العربيات المارقة بسرعة ، جميع اعمدة النور كانت مطفاة .. واغلب المحلات والمتاجر مغلقة بسبب عطلة السبت ، او لم تعد تحتمل الخسارة .
الناس لم يعد بوسعهم تحمل الغلاء ، وتدهور العملة ، وارتفاع الأسعار ( المائة دولار تساوي مليونين و٨٠٠ ألف ل .ل ) مماساهم في جعل حياة اللبنانيين في غاية السوء ، وبالتأكيد ان الأوضاع السياسية ونتائج صراعات اقطاب الطوائف ، وحروب العدو الصهيوني، وحروب العرب والعالم على وفي لبنان كان لهادورهافيما وصل إليه المواطن اللبناني .
عدنا ادراجنا إلى الفندق ، لاشيء يشجع على ان نستمر في جولتنا ..الحر شديد .. الرطوبة لاتطاق .. والظلام دامس .وشجعنا رؤية سائح مسن ينزل معنا في الفندق يسقط من طوله فوق الرصيف أن نسرع في العودة..

أصيب بخيبة امل وكان عائدا مثلنا مع ولفه إلى الفندق ، على الأقل سيجد فيه كهرباء واضواء ومكيف هواء يقيه حرارة الجو والرطوبة ، وشر السقوط على رصيف ساخن وطريق مظلم ! وزوجة محبةتضمد جراح سقوطه في اول ليلة له في بيروت !
اما انا فكنت أسال نفسي : هل هذه بيروت ؟.. هل هذه بيروت التي اعرفها وتعرفونها ؟.. ماذا جرى لها ؟،، بل ماذا جرى لعدن ؟،، واغلب مدننا العربية ؟!
ليست افضل حالا من بيروت !!
وكانت عبيري اكثر صدمة مني ، فلم تكن بيروت هكذاعندما زارتها قبل اربع سنوات .. كيف كانت ستكون صدمتها لو رأت بيروت عندما كانت بيروت ؟!

《 وللحديث بقية 》

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!