حديث الصباح والمساء / بقلم: إيناس ثابت

 (1)

 هذا الصباح

يتقاطرُ سنا الشمس الأزلية

يتدفّقُ إحساساً ربيعياً دافئاً

يدومُ مدى العمرْ

 ويدغدغُ حواسّ الكائناتْ

 في الخلايا وجدٌ عميقْ

تجنُّ به القلوب.. وتعصفُ

في ثناياه ثورةُ الزّمن

وحلاوةُ الذكرياتْ

من المنى وأطهر المقدسات  

 (2)

 أحلامُ المراهقة والشهوة الغلاّبة 

ترسمُ أمنياتٍ مُشعَّة بالألوانْ

 مزيّنة الحواشي بأشواكِ الوردْ

وصورة معلقة فوقَ جدارِ القلبْ

تسهرُ معي  في غربتي وتؤنسني

 في ليالي البردِ الموحشةِ في الشتاءْ

  (3)

 هذا المساء

ترحلُ الشمسُ وهي تؤشِّرُ

للأرضِ بالوداع

تسامرُ القمر بعد الغروبْ

فيدفنُ أنفه في صدرِها

  ويرضعُ مخزونَ ثديها من حليبِ التّينْ

 إكسيرُه في الحياة

مرةً .. مرتان.. وثلاثة  في النهارْ

ومرّاتٍ بلا عدّ من شدِّة العطشْ

 فلا يمِلُّ ولا يَكِلُّ ولا ينتهي

 قبل طلوعِ الفجرِ أو عندَ الصّباحْ

 (4)

 القمر يغيبُ طويلا بعد أن يختفي

 خلفَ السّحابْ

ويتوارى عند الأفق أو فوقَ الجبالْ

 ولا يغشاه  من أثرِ الزّمنِ.. الزّوالْ

  كناريٌ يرتِّلُ أناشيدَ الصَّباح.. وظبية

تعدو في وسعِ البراري

تنتشلُ النومَ من عطرِ البيلسانْ

 وتنهلُ عصيرَ العمر ومعنى الوجودْ

نصيبُها من حدائق  الفردوس

والخمر المعتّقِ  في ليلِ الوداعْ

 (5)

 من خلفِ السحبِ البعيدة

تمرَّ الريحُ نشوى

 من السّكرِ تواطىءُ دفقَ الغَمامْ

 تنتشي وبين يديها كأسٌ

مترعة بملذات الحياة

تنحني تُقبل ثغر الورود

 وتوشوشُ في أذنِ العبيرْ

 أعذبَ الألحانْ

  لتعلو أهازيجُ الفرحْ

فوق هاماتِ الربيع

من فمِ الشّبابةِ

 تنطلقُ بهجةُ النفوسْ

وتنسابُ

 مخمورةً سكرانةَ الأوصالْ

 (6)

 ترفرفُ الأحلامُ حمامةً بجناحينِ رقيقينْ

تعانقُ أطواقَ الزّهرْ

 دواء للقلوب المحرومة

من طعمِ الوجودْ

ما بين الصباحِ.. وإقبالِ المساءْ

 

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!