حوافر الخير/بقلم:عبدالقادر محمد الغريبل(تطوان _ المغرب )

في ليلة باردة تعالت جلبة من حظيرة في ملكية سي حمادي، الذي أقدم على استنفار أبناء زوجاته الأربعة و كل أصهاره، لتدارك حالة طارئة، ولم يستثنَ منها جميع حيوانات وكلاب مزرعته ،
وبلغ صداها لكل جيرانه، حيث تضاربت أقوال في تداعياتها، منهم من عزا أسبابها لولادة مهر، ومنهم نسبها لنفوق بقرة.
ـــــ ما الذي جرى؟
ــــ ليلة منحوسة… وعياذ بالله
ــــ ماذا أطعمتم هذا المسكين؟ أتمنى أن لا يكون على وشك …
ــــ إنتبه
ـــــ بهدوء، بهدوء
ـــ كلا، سأحاول دون ذلك لو تبين لنا نوعية العلف الذي …
ــــ يمكننا أن نتدبر أمره.
ـــ يقول أنه هذا … إلتهم الأوراق، لكن أكلها لا تسقطه أرضا.
ــــ حسب رأيي، رأيت بهائم أصيبت بعلل، لكني لم أرَ شيئا كهذا من قبل.
ـــ أحضر المصباح هنا، ضعه أمام فمه.
ـــ أبي، أبي، عرفت الآن ما تجرعه الحصان ، إنه ولغ من دلو لمبيد الحشرات
ـــ هل رأيت ذلك؟
ــــ نعم يا أبي، لقد وضعه ذلك الأحمق في ذلك الركن.
ــــ أيها النحس، ابق بعيدا عن سجيتي.
ــــ كفاك كذبا، لقد اشتمه فقط، ولم يورد منه جرعة واحدة.
ـــــ لقد بادرت بتنحية الدلو بعيدا عنه.
ــــ لا تصدقه يا أبي، إنه كعادته يحاول إلصاق التهمة بي.
ــــ ماعدت أصدق أحدكم
ــــ أيها العفاريت، ما الذي تناوله؟
ـــــ ماذا عسانا أن نفعل؟
ـــ انظر، لقد إخضرت أسنانه.
ـــ لو شرب من مبيد لنفق حالا.
ـــ ما الذي أطعمتم هذا الجواد؟ لا أسمع صوتا في بطنه،لقد إنقطعت أنفاسه.
ــــ أريد أن يخبرني أحدكم بالحقيقة قبل فوات الآوان.
ـــ الوقت ينفذ منا ونحن مكتوفي الأيدي، والمسكين يعاني.
ـــ أحدهم يزعم أنه رشف مبيد، والآخر يدعي أنه إلتهم أوراق جريدة.
ـــ لا أثق بأي كلمة واحدة تخرج من أفواهكم
ــــ أنتم مزعجون للغاية
ـــ أترون نتيجة عدم عنايتكم بهذا الحيوان.
ــــ أيا كان الفاعل، سينال ما يستحقه.
ــــ هذا لا يرضي الله، على كل راع أن يعتني …
ــــ أحضر المصباح هنا أمسك به هذا لا يرضي الله تعالى
ـــــ صهري العزيز، كل يوم أواجه متاعب جمة بسبب هؤلاء الشياطين.
ـــ ما كان هذا سيحدث لو كنت هنا
ـــ سي حمادي ،ما الذي جرى؟
ـــ لا أدري، فجأة أصيب هذا الحيوان الوديع …
ــــ الذنب ذنبكم لم تتركوا هذا الجواد يهدأ لا ليل ولا نهار.
ـــــ وما شأننا نحن، أبناء … يفتعلون المشاكل ونحن…
ــــ اخرس، ما أدراك أنت عن الذي حدث؟
ـــ لقد طلبت منكم مرارا أن تمنحوه راحة لبعض الوقت إنه ليس روبوت آلي.
ـــ رجوتكم ألا تطعموه بكل ما يقع في أيديكم.
ـــ وما شأننا نحن؟
ـــ لا تلاسنني يا ولد، لقد رأيتكم بعيني، تطعمونه علب الحلوى.
ــــ دائما أنصحكم بحسن الرعاية لكل حيوان، فالبغل الحرون يحركه كيس العلف وليس السوط
ـــ لقد طلبت منكم مرارا أن تنتبهوا إلى مأكله ومشربه
ــــ جاري الغالي، أظن أنه بلع ديدان العلق الطفيلية
ــــ علينا أن نجرب “النفحة”(التنباك)
ـــــ أنت محق “فالشمة”كفيلة أن يتقيأ ما بلعه.
ــــ إنني أبذل قصارى جهدي لإنقاذه في هذه الليلة، قبل أن يصبح الصباح وأستدعي الطبيب البيطري
ــــ علينا أن ننقذه حالا
ــــ إرفعوا رأسه إلى أعلى.
ــــ خذ هذا، صبه في فمه.
ــــ أنظروا إنه يتقيأ!
ــــ ركزوا ضوء المصباح عليه.
ــــ إنهم ديدان العلق اللعينة.
ـــــ حمدا لله، لقد انتفض واقفا.
اسمعوني جيدا، لا أنكر أنني آثره على جميع حيوانات الضيعة،و أكافئه على الدوام بقطع السكر و بحبات الجزر، لأنه أهل لذلك لأنه فأل يمن وحوافر خير.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!