ذاكرة وطن / بقلم : أحمد محمود دحبور ( الأردن )

اوتذكر يا يوسف تلك الايام الخوالي من ذاكرة وطن حين كنا فتية لا تخشى الخوف، كنت أنت العداء وكنت انا الحكيم من يضع الخطط وانت من ينفذها في وجههم ناراً تتلظى ، اذكر يا صديقي حين ربطنا السلك الشائك بين شجرة السرو وعامود الكهرباء وكنا نختبئ خلف اشجار المدرسة بالقرب من الشارع الطويل الذي يربط بينهم وبيننا او ما يسما بالخط الأخضر اتت الدورية المكشوفة وعلى متنها وحوشهم الكاسرة لكن سواعدنا وارادة الامل في عيوننا كانت أقوى من زامورهم المزيف نعم يا صديقي اذكر تماما كيف اعتلت صراخات الفرح وتكبيرات الطلبة وزغرودات النسوة الحرائر اللواتي كن يعانقن سنابل القمح الذهبية وقت انغرست الاشواك الشائكة التي نصبناها في اعناق الغربان وانقضضنا عليهم بالحجارة ..وحين وصل المشهد دمويته أتت تعزيزات مجنونة من رتل العدو كنا اسرع من الاسود والايائل ونحن نعدو ركضا في جبال اللوز والزعتر ونختبئ في حجور أمهات لم تلدنا يطببن على نصرنا ويلقمنا أرغفة قمحهم المغمسة بزيتنا وزعترنا وهن فرحات وقد توردت وجنتاهن نشوة الفخر والعلم الفلسطيني يرفرف من بعيد على ناصية عامود الشارع المطل على المدرسة ،هبت نسمة ريح خفيفة اتية من بحرنا الغربي داعبت غصن شجرة التوت حين دغدغت حلاوة لعابنا ..يا لك من جني يا يوسف وانت تبادل تلك الفتاة التي كانت تلبس مريولها الأخضر المخطط ابتسامة حب ابتسمت لكما وباركت لكما حبكما العذري بعد أن هدأت المعركة ودعنا “امهاتنا” اللواتي لا نعرف عنهن شيئا والتهمنا وعورة الجبال حتى وصلنا الى قريتنا والنصر يزهو فوق جباهنا ونحن نخطط لجولة اشتباك آخر مع الليل حتى يطلع الفجر…

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!