زمنُ التّبريكاتِ الْمُثقلة بِرُؤى “أَدْرِيَانُوسْ” .. كُنت أجُوب صهْوة” الْحَنَايَا”.. علَّني أرفعُ السِّتار علَى مَاأخْفته ظفائِر الطِّينِ الأسِيرة فِي الدُّروب المرِيرة .. أقفِز تَارة بالْمَاء وطوْرا بِالْهواء ..
أعانِق مسِيرة الْألف مِيل كالْنَّسر الذّهبِيّ ..أهِيم فِي حضْرة الربِّ “نِيبْتُونْ”.. وأجُوب بِحار” مَارْكُورْ”.. أرَدِّد تراتيِل “مَارْسْ”.. وأدقُّ ناقُوس معبَد” جُوبِيتِيرْ” الأعْظم ..علَّه يُبارِك عُمرِي..
لَاأَعلم مَن هُو الْغالِب والْمغلُوب..فِي الْبِرك المائِيّة الصَّافية ..
شُغلي الشَّاغل ..نثْر الْقطراتِ الطّاهِرة عَلى الرؤُوس السّاجِدة.. الْخاضِعة لمشِيئة الْآلٍرهة المُباركة ..
وحيِن بدأَت الشَّمس بالْميَلان نحْو الغُروبِ المُوحِش الْمُوغِل فِي ثنَايا التّيَهان المُبهٍم فِينا…
تناسَت عَروس الْماءِ الْوحِيدة الشّرِيدة .. بيْن غياهِب الضَّباب الرَّاكد فيِنا..إخْباري أنَّ مَع كُلِّ وداعِ أصِيلٍ..سيْزحف السَّواد نحْوي..
سيتَساقط عَلى بقَايا الْمدائِن.. صُكوك الْأفْكارٍ الْمُوحِشة .. حتَّى نُقطة الْإِلقاء ..ستُمْسي ضيِّقةً..عاجِزةً.. أمَام الْإرتِقاء.. كحلْق بُلبل تائِق لِلغِناء.. ولَم ..ولَن يُغنِّي..
هُو زمَن ترْنو فيِه الْآلهَة لِلفرَح فتُصَاب بِالْبكم الْمُفاجئ..
بيْن حمّامًات “أًنْطُونْيُوسْ” ومعْبد “زِيكْوَا” لِيزْداد نأْيي مِن الْجفَاء الْمُطبق عَلى خِصبي الدَّافىءِ .. حيْث الْأغَاني الْلذِيذة ..
عرُوس الْمِحراب لَم تنْسى الْقرابِين..
فالنُّجُوم ماعَادتْ ترْقدُ بِهدُوء ..و بابُ الْعطَايا.. سُدَّ عَلى ثَنايا مقَام الرُّوح الْمُقدَّسة ..مَن كانَت حارِستُها الْمُنيرَةُ..شَاح عِطْرها الْمرْمريِّ.. منْ كَان يُسامِرها ..وأحْيانًا يُغازِلُها ..
بشِفاهٍ مبتسِمة كنسِيم” قَرْطَاجَ” الْبحْريَّ النّاعِم..
صدقتْ عرُوس الرّبِ .. لكنَّها تناسَت أيْضا إِخْباري أنَّني لنْ أرقُد بهُدوء بَين النَّوازك بَعد الْيوْم ..
فكُلُّ الْأمَاني غادرَتني.. هجرَتني كَرائِحة ..قرْط أمِّي.. كدَندنة.. خرِير الْمَاءالزُّلال..و ذوبَان الدّروٍريش.. زمنِ الرّقْص الحلَال..
تناسَت حقًا .. أنَّ فِي زمَن الرَّحيل ..حتَّى أﻷسْرار.. دنَّستها طحَالب الْمدِّ والْجزْرِ ..الرّاكِدة علَى ضِفاف غمائِم الرُّعُودِ الغاضِبة ..تناستْ فعْلا أنَّ كلَّ شئٍ سينْتهِي معَ أفُول نهَار الْمِيلاد..
تلْك النَّوارس الْتِّي تعْلو أصْواتَها عَلى الموانِئ وأوُلائِك الذِّين شيَّدُو الْبُنيان وَآثَار الْإٍنْسانِ سيأْفلُون يوْمًا لغيْر عوْدة..
لمْ تخْبِرنِي عرُوس الْماءِ أنَّنِي سأتْركُ أحْضانَها يوْماََ وأخُوض وحْدي معَاركَُ الْبقاءِ ..كيْ تسْتقِيم أضْلُعي ولا تنْكسِر..
لكنَّها لمْ تتنَاسى أنَّها هِي فقَط باقِيةٌ.. شاهِدةٌ ..علامَة .. قاسِية ..
قالتْ لِي يوْما.. الزَّهرة تفُوح بعِطْرها ورقَّتها ..ورَغم هَذا الْجَمالِ.. تحْمل أشْواكًا تُدْمي الْأصابِع.. إنْ لمْ نُحذِّر مِنها..
حِينها لمْلمْت أوْصال جبِيني ..أضَأت فانُوس ظُلمَتي وقُلتُ للذِّكرى الْقابِعةِ فِي جوْفِي..
حَان الْآوانُ لبِدايةِ الْقُدّاسِ الْآخِيرِ…