بصمت عميق تتأمل ما فات وتسخر مما هو قادم، فالقدر محتوم. وكما تقول دائماً: لا فكاك منه ولا مهرب ..
تطرد ظلال العتمة من حولك وتمضي في رهانك على حياة يغشانا الضباب
ويجبرنا الزمان أن نعيش في الأحداث بحلوهاومُرِّها
مرتين…مرَّة حين وقوعها والأخرى حين تحييها ذاكرتنا .
فينهار الصمت الساكن فيها.
تفتح نافدتك التي تطل على جدار يحجب عنك الفضاء الذي تعشق، فلا يصلك منه إلا بقايا ضوء شمس بعيدة …
تتنهد وتعيد شريط الذكريات من جديد…. مرح الأطفال وأحاديث الكبار … صوت الموسيقى والأغنيات، روائح الأشجار رائحة التراب المبلل بقطرات المطر، وصرخات تدوّي بتكبيرات العيد،… أصداء تنبعث و ترتدُّ من عمق الذكريات، وصور تتطاير من هنا وهناك. لا شيء يحتفظ بسكونه إلا تلك الجدران التي يسري البرد في ضلوعها فأفقدها البريق والنضارة، جدران باردة باهتة لا تصل إليها أضواء السماء …
تشرق الشمس في كل يوم وترحل دون أن تدنو منها ولو قليلاً
العتمة تحضن أرجاء البيت المسكين، تحاول جاهداً أن تشعل كل الأضواء والمصابيح التي سرعان ما تخطف العتمة نورها. شيئاً فشيئاً يخفت ضوؤها ثم تنطفئ. تبدل المصابيح باستمرار ولا ضوء يشبه ضوء النهار …
فتنهار عليك سحب صامتة لم تعد تأبه لأشكالها أو ألوانها، تسكنك فيغشاك الضباب وتستعذب روحك سلام الأموات الذي تحياه، وتتحول إلى شيء ثابت يحمل شكل الحياة ويراقبها من بعيد، لا قدرة له على التغيير أو الاعتراض، مستسلم ترفع رايتك البيضاء ..
سلام زائف مؤقت، فالحياة لن تكتفي بما أنت به من هدوء، بل ستقحمك في تحديات تتطلب منك أن تثور وتنتصر لنفسك قليلاً، ثم تعود لتئنَّ وجعاً من جديد، تلملم جراحك وتجرجر خيبتك، وتستسلم لعجز جديد وتتوه في بحر من الأفكار.