كنت أقف على الحافة دائما وأنا أكتب
أخشى أن يمسني الحرف
أن يفشي للقارىء سرا من صندوقي الأسود
أراوغ أن ينثرني معه..
أدور في متاهة
حالة من اللف والدوران بين الكلمات-
-مخافة أن تدل عليّ في معنى خفي
فألجأ إلى التورية والإسقاط
أظنني أنهيت مجازات اللغة وأنا أتوارى خلفها،
ثم مؤخرا
أدركت أنه لا يجوز للقلم أن يكتب بالشوكة والسكين
وأنه على الكاتب أن يغمس كلتا يديه في حبر قلبه
أن يتمرغ فوق حصى السطور
يتركها تنغزه وتمتشج بدمه
تُسِيل بعض خفاياه
تُفسح لٱهاته الخفية أن تتسرب
تصنع ممرا سريا بينه وبين السطر
يعبره القلم دون سواتر
دون رتوش أو محاولة لتجميل وجعه
القلم لا ينحني لعنجهية كاتب
حتما سيستدرجه ولو بعد حين
سيسحبه إلى داخله
إلى عمقه المخبوء
والذي ظل طويلا يسدل عليه ستائر معتمة. لاعتبارات كثيرة أولها كبرياءه !
ظناً أن مايمسه سيؤثر سلبا على صورته
لكن في عالم الكتابة
الأمر جدا مختلف
علينا أن نظهر بضعفنا ولو مرة
أن نعري هشاشتنا دون مواراة
لا مانع أن نجنب كل محاولات التجمل
ونجعل السطور مرايانا الحقيقية
أنا..
تأخرت كثيرا حتى كنتني حرفا !!
ماطلت كثيرا أن أفتح صندوقي الأسود
ياكم راوغت كبريائي
وياكم كان حائلا بيني وبين قلمي
مؤخرا فقط
تركت القلم يحفر سردابا داخل خفاياي
تركته ينبش في تربة الروح
ويستخرج ما عانيت في إخفائه
للقلم سلطة وسطوة
إن لم يمارس سلطته سيتعبك
سيبكيك
ستظل غربة ما تشوب أصابعنا حين تعانقه
وحده القلم…
يجوب آخرك ..
يغدو خماصا
ويعود بطانا !!