فى ضيافة المطر “١”/ بقلم: فايزة سعيد ( السعودية )

١

في ضيافة المطر
وحيدة وحيدة
أهيم في شوارع
بلا عنوان
الأرض فراش
والريح سرير
في معطف البياض
أنام
أتوسد الأرصفة
الهاربة إلى العدم
وحيدة إلا منك
من ظلك الممتد
إلى أخر
كوكب في مجرة
الضوء الآتي
من عينيك
يبدد وحشة
الطريق
يمسح عن جبيني
غربة الأيام
وجهك البرق
يخطفني من جوعي
القديم الجديد
البعيد الأزلى
امرأة التاريخ أنا
المنسي خارج
المكان والزمان
المنفي داخل ذاكرة
مصلوبة على أعمدة
الغبار حيث ظلالها
الهاربة إلى الخوف
ترسم للموت شكل
دائري على زجاج الوقت
يذكرني وجهك التاريخ
بخرير الماء
المنساب من أعلى
تلة في جبل
إلى أصغر سهل
في وادٍ
أغتسل به
وأشرب منه
وأصنع منه سريرا
معلقا
بين السماء والأرض
بين الشجرة وغصنها
بين الوردة وعطرها
بين العصفور وعشه
تميمة حب خالدة
أرجوحة وحيدة
للعشق الأخير
نافذة للحلم النائم
في ضفيرتي الشقراء
الطويلة
منذ زمن بعيد
بعيد جدا

٢

في ضيافة المطر
وحدي للمرة الثانية
أسافر في اتجاه الغيم
دون حقائب
أو جواز سفر
أو حتى هوية
أزرع في كل غيمة
قبلة عشق
غرام. ولع. شوق
لكن القبلة تفلت مني
تتعرى أمامي
تخترق المسافة
بين عشقي وصمتك
ثم تنطلق حرة حرة
ترسم للنهار
الناعس في عينيك
دوائره الحمراء
والصفراء
الصغيرة منها والكبيرة
على نافذة
عصفور عاشق
جناحاه بلون البنفسج
شهي كالصباح وجهك
في المطر
وألماء ما يزال عالقا
بأهدابك المسافرة
في اتجاه السماء
أفكر أن أشرب الماء
من على شفتيك
لكن الغيمة تسبقني
فاقفز فوق الماء
وفوق الغيمة
وفوق الزمن
أرتطم بصخرة الحقيقة
التي تقول :
إن القلب الذى لا يعشق
يموت سريعا

٣

في ضيافة المطر
مرة أخرى
المكان فراشة طائرة
الزمن لعبة التحولات
والاحتمالات
فيما العصافير الملونة
توشوش للماء
تحدثه
عن حكايتنا الكبيرة
مع العشق
الحب، الهوى
وظلاله الهاربة
من تحت أقدامنا
الصغيرة
الأرض يد الماء
الوردة قبلة المطر
قبلتك الشبقية
تخلع عني وقار المطر
عاشقة في المطر
أخبئك في صدري
قتقفز من عيني غيمة
ما تلبث أن تسقط في
يدي
فأعيدك مرة ثانية
إلى صدري
أخبئك من الريح
والعاصفة والضباب
أخبئك من البحر
ولصوص المطر
وحتى من قلبي
وأصعد بك إلى الأعلى
حتى ما تكاد أصابعي
أن تلمس السحب
حتى تمطر السماء في عيني
وفي عيني الأخرى يمطر
حبك من جديد
يبكي الرعد ملتاعا
بعد أن يخلع معطفه
الرمادي
وينام على صدري
حين يسرق البرق
أخر غيمة عشق لي
مسافرة
في سماء المدينة
التي احترقت يوما
بنار حبي وحبك
دون نهاية
أعيدك مرة أخرى
إلى صدري خوفا عليك
من البرق
وأعدو بك هاربة خلف الريح
خلف الغيم
خلف المطر

٤

في ضيافة المطر
لا وقار
للبهجة
من أعطى البهجة اسما؟
سلوا الحب
سلوا العشق

 

About محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!