كثُرت نصوصي في ذم العصيان ومع ذلك أُهرول إليه بلهفة خشيةً أن يترُكني، في وجداني تناقضاتٍ عدّة كأن أبغض السيِّئ وأحتَقِر أفعاله ورغم ذلك أكون في المراتب العُليا للسيئين، رُبما بالنسبة لي فقط وليس بالنسبة للناسِ فما من عاقلٍ يُظهر حقائقه المُخزية أمام قومه، أيًّا يكُن سواء بيّنت قُبحي أو أخفيته لا مفر من اطّلاع الخالق على مخلوقِه؛ إنَّهُ يعلمُ ما نخفي وما نُعلِنُ، وبما أنَّهُ عفوٌّ غفور فإني أرجوه رجاء عبدٍ ضعيف لا حيلة له، لا سلطان عليه إلا خالقه، أرجوه أن يغفر لي ما اقترفته من معاصٍ، أرجوه أن يجعل منّي إنسانًا ذا إيمان يغلبُ أفكارَه الخبيثة، نفسه الأمّارة بالسوءِ وحماسته المُفرِطة في اتّباع شهواته بقلبٍ أعمى، قلبٌ اتّخذ لنفسه لحافَ الهوانِ فصار يُجبِرُ صاحبه بأن يحتذي به.