لآفاق حرة
الهَزيعُ الأخيرُ
الشاعرة. د. سعاد بسناسي. الجزائر
يَا ليتَ الأرواحَ تفهَمُ مَا يُقالُ لاَ ما يُصاغُ على ألسنةِ الرِّجَالِ
في حضرةِ الرَّملِ، سجَدْتُ لظلِّ غيمةٍ هربَتْ من مدافعِ العصرِ، دُونَ نِزالِ
تَحتَ رمَادِ الصُّبْحِ، بُذِرَتْ همهمةُ سَلامٍ لكنَّها لم تُسْقَ إلّا بماءِ جدالِ
وحدهُ الطِّينُ، يعرفُ كم تأوَّهَ الوردُ حينَ مرّتْ عليهِ جنازيرُ المُحالِ
جيوشٌ من لهاثِ الذَّاتِ تحرقُ مرآتي وأنظرُ في دخانِها سرّ اشتعَالِ
نحفرُ في الهواءِ قُبورَ آمالِنا ونكتُبُ شِعراً على ألواحِ الزَّوالِ
الصَّمْتُ إيقاعٌ لمن أصغَى للوجودِ لاَ لمن دوَّى صراخاً في قلوبِ التِّلاَلِ
فدعِ الدَّمارَ يُخبرُنا مَن نحنُ حين تنسَى يدُ الإنسانِ معنى الوصَالِ
هلْ تُعانقُ الأرواحُ ظِلَّ سلامٍ أم نُصلّي لسرابٍ بلا احتمالِ؟
يا ليلَ الأرواحِ، هل ضياؤكْ هُدًى أم وجعٌ يسري على خيوطِ خيالِ؟
نرسمُ بالسُهادِ وجوهاً لراحلينَ لم يودّعوا التّرابَ، بل انصهرُوا في السّؤالِ
نسيرُ بلاَ جهةٍ، كأنَّ الخرائطَ خُطّتْ بأناملِ الغرورِ على الرّمالِ
النَّجمةُ التي سقطتْ لم تكن أمنيةً بل شهقةَ أمٍّ في آخرِ احتمالي
يا ربَّ التَّكوينِ، كيفَ ضلَّتْ خطانا؟ هل هو الطَّمعُ، أم سُكْرُ امتثالِ؟
ضجَّتْ العصَافيرُ في جوفِ الأعمدةِ تحمِلُ أنَاشِيدَها إلى غيرِ موالِ
وفي المسَاءِ، حين ينتهي القصفُ يبقَى صدَى الأنينِ بلاَ مآلِ
هل نكتبُ أسماءَنا على ظلِّ غيمةٍ أمْ ننتَظرُ زَمناً ألينَ من الصّلصَالِ؟