كل وجه أراه أتمعّن تقاسيمه، كل يد تصافحني تسلبني خارطتها.. إنها هويّات تمشي لا وجوه. وهل من الممكن أن يعبث المرء بهويته!
إنها الذات، لا الأشياء.. الرؤية لا ما تصل إليه. ألا يتغيّر شيء، ولكن أن يبدو كل شيء كما يبدو.. ولكن كما يبدو لك أنت، لا للآخرين.
إنني أرتاب من الشارع حين يغدو شارعًا، بينما قد يكون مسرحًا أبديًا. لا يُسدل ستاره، ولا تُحدّد الأدوار فيه. ولا تهب البطولة لغيره.
أخاف من البيت حين يكون بيتًا.. أن يكون جسدًا بينما هو روح.
أن يكون وسيلة بينما هو غاية. أن تستريح فيه لتنطلق منه ثانية، بينما البيت أن تجوب الأرض، لتنطلق إليه.
من الماء عندما لا يعني سوى الماء، ومن الشجرة عندما تُرى كشجرة..
أعجبُ بالماء في كل رؤية، أعجبُ بالماء حين يحرسنا من كل اتّجاه
وأُعجبُ من رفضه بأن يظل ماء بعد أن يتلوّن.
فكيف نرى الماء ماء، وهو سماء تسيل..
أرتعبُ منّي أن هذيت ورأيت الشجرة شجرة..
إن لم أصل لها، ولم أستطع رؤية تشبّث الورق بالأغصان، تشبث الأغصان بالجذور، وتشبث الأرض بالشجرة!
حرّيتي فيما أراه، رغبتي فيما أفهمه، حياتي فيما أستطيع الوصول إليه..
فأني أخوض الحياة لأرى، لأصغي، لأسير، ولا أترك صخبًا.
عشتُ لأصنع عالمًا آخر، عالمًا أحبّه لا أحتمله..
رأيت أكثر مما يجب أن أرى، وصغتُ الأشياء ليس كما كانت، بل كما يجب أن تكون..
وقد رأيتك مرّة… مرّة واحدة جعلت هذا العالم الذي شيّدته فيّ، باهتًا أمامك.
