مايسترو الأحلام/بقلم:شيماء صادق

زارني طيفٌ لا يُرى،فإذا بنا نتزحلق على أوتار الموسيقى والألحان.
سافرنا عبر فتحةٍ صغيرة نحو عالمٍ مليءٍ بالنغم، صافحتُ الآلات والفرحة تغمرني، وعزفنا أعذب الألحان بشغفٍ جعلنا نحلق فوق السحب، نرتشف ونثمل من نبيذها.
على طاولةٍ من الكريستال الأنيق اللامع، تطايرت قطراتُ العطر والندى تُداعبنا بلطفٍ بالغ، مرحّبةً بنا في قصرها المفعم بنغمة الوتر.
قُرِعت الطبول، وانسابت شهقات الكمنجات، وتراقصت أناملُ البيانو، وبدأت كل آلة تعزف ألحانها، وأنا أقف أمامها كمايسترو ماهر.
النجوم تصفق، والطيور ترقص وتتمايل، والأضواء تلمع بشتى الألوان، محدثةً جلبةً من طرازٍ قديم.
وفجأةً، خمدت الآلات، وتجمد المايسترو، وسقطت النجوم، حتى الطيور والعصافير تطايرت رمادًا.
تناثرت طاولة الكريستال إلى قطعٍ صغيرة، وانهار القصر بمن فيه.
هَوَيتُ كقطعةِ جليدٍ لم تكن تنبض بالحياة منذ برهة، لا شيء سوى الدمعات تتطاير من كل حدبٍ وصوب.
تساءلتُ بفزع: ما الذي حدث؟ بأيِّ مكانٍ سأرتطم؟ وأتكسّر؟ وأُصبح لا شيء؟
ومن بين كل التساؤلات، فَزِعتُ وانتفضت، فإذا بي محاطةٌ بحضنٍ صغيرٍ يلتف حول ذراعي، كمن يحاول ثنيي عن السقوط.
نبتت ابتسامةٌ عريضة، كادت تتبعها قهقهة حاولتُ كبتها، وعدتُ حيث كنت، برفقة الآلات، علّنا نخضع لمغامرةٍ جديدة.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!