ما زلت أسأل حائراً:
ماذا تبقى في يدي غير الأصابعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى في مدينتنا
– التي كانت مدينتنا الجميلة –
غير شعبٍ تائهٍ
متكدسٍ في نصف شارعْ
والشوارع في مدينتنا الجديدة
تحوي مقواتاً
ودكاناً
وجامعْ
فالمحلات التي كانت تبيع لنا الجمال
غدت تبيع لنا القنابل
والقذائف
والفواجعْ
والمحلات التي كانت تبيع لنا الجرائد
والكتاب
غدت تبيع القات
والتبغ المعلب
والمعسل
والمدائعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى من رئيس الشعب
إلا صورةٌ
في نشرة الأخبار تطلع للتعازي والتهاني
والترحم والأماني
والحديث إلى وكالات الصحافة
والمواقعْ
صورةٌ في الواجهات
أنيقة الألوان
مشرقة الرؤى
وكأنها صور الطوابعْ
لا تراها في قلوب الناس
لكن ربما فوق الوزارة
والسفارة
والشوارعْ
والذي فيها غريبٌ بانفصامٍ
فهو فوق الشعب مفترسٌ
وللأعداء خاضعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى في حكومتنا الموقرة الرشيدة
غير سمسارٍ
ومائعةٍ
وخانعْ
يخضعون لكل وجهٍ أجنبيٍّ
والجميع لدولة الإقليم تابعْ
هم قطيعٌ من حميرٍ
من ذبابٍ
من ضفادعْ
يجهلون العلم بالأشياء
يمتهنون فن الصمت
لكن يحسنون الاختلاس من الموارد
والودائعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى في ميادين السياسة
غير كذابٍ
وخوانٍ مخادعْ
يرتدي البدلات
للقنوات
حيث الكذب مهنته
وتسويق الذرائعْ
ثم يمضي يتخلى عن مبادئه القديمة
ثم يمتهن الشتيمة
وهو للإنسان شتَّامٌ
وللأوطان بائعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى في أحاديث المذيعة
في القناةِ وفي الإذاعةِ
غير “سيد صعدةَ المخفي”
أو “شلال شائعْ”
أو حديثٍ عن بلاد العم سام
يظل يسرد حافظاً بعض الوقائعْ
أو حديث الاقتصاد الأجنبي
وبورصتين
وعملتين
وحاوياتٍ في الموانئ
أفرغت بعض البضائعْ
أو حديث الطقس
عن ريح الشمال
وغيمةٍ فوق الجنوب
تجيء حبلى بالبروق وبالزوابعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى في البلاد
من البلاد
سوى عيون الأجنبي على المطامعْ
أو جماعاتٍ مسلحةٍ بخولان الطيال
ومثلها في حضرموت
وأرض يافعْ
أو جماعاتٍ بلا لونٍ
ولا طعمٍ
كما سلطان سامعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى في محاريب الإله
وفي منابره التي كانت منارات الهدى
إلا صراعات الزيود مع الشوافعْ
والتقاذف بالشتائم
تحت يافطة الصحابة
والأئمة
والشرائعْ
واختلاف الرأي في كتب البخاري
عنه في بعض المراجعْ
والجدال المر في لغة اللسان
متى تجيء علامة الإعراب
في الفعل المضارعْ
***
وأظل أسأل حائراً:
ماذا تبقى من حشود الشعب في الساحات
وهي تقود ثورتها
سوى شعبٍ ينازعْ
منذ أعوام الرمادة
وهو يمشي عارياً
متشرداً
قلقاً وجائعْ
لا يرى أين الطريق
ولا إلى أين المسير
لأنه في الدرب ضائعْ
***
وأظل أسأل حائرا:
ماذا تبقى داخلي
فأرى التناهيد الكئيبة
تحتويني
والنشيج يغور في نزق المدامعْ