“”
كُلما دَلَفتِ الوحدةُ إلى أمكنتي المُكتظةِ بالمرايا المرمرية، رأيتُ الظلالَ وشيئًا من السراب، فلم تلبث عيوني أن انْفَجَرَتْ بكاءً على نفسي، على الوطن، على الأماكن والأزمنة المُمَزَّقة بين نَفَسِ الحاضر ونبضِ الذكرى.
حين أكتبُ اسمكِ، ترتجفُ المحاريبُ من زلزلةِ صمتٍ ثائر، وتمتلئُ بالضجيج كأنها ميدانُ قتالٍ داخل الروح، يفزع الطيرُ الآمنُ المتنعمُ بالأغاني السومرية، يهربُ من إيقاعات الحزن المُهدرة، ويذرفُ دموعه مرايا مُتشظية.
كانت هناك ملايينُ الكلماتِ الميتةِ، حبيسةً في قبور النسيان، تُخرجُ رؤوسها المنهارة لتقول:
“أنتَ لم توجد بعد، أين أنا؟ وإلى أين المَسير؟” هذه الأسئلة، صدى الماضي الحي تحت غبار الزمن، تواطأت مع اللاوعي، فباتت مقفلةً، مثل زجاجٍ لا يُكسر، يلفُّه البردُ القارس، بردُ المرايا التي خنقتْ الأسئلةَ، وقطعتْ أنفاسَ الأمل.
في ذلك السكونِ الرهيف، تنكشفُ المشاعرُ، كالضوءِ الخافتِ الذي يتسلل برقةٍ من بين الشقوق، يهمسُ بأن هناك في الأعماق، قصصًا محبوسةً بين نبضات قلمٍ ينزفُ حروفًا من رِمادِ الحُزن والأمل.
فما بين الوحدة والمرآة، بين الكلمات الميتة والأماني المتلاشية، يسير الكاتبُ على دروبٍ لا خطَّ فيها، يسردُ ظلاله، ويخطُّ الفضاءاتِ بين الكلمة والصمتِ، راويًا لحكاية النفسِ النائمة في مأتمِ الذاكرة، مُتهدجًا بأنينِ وطنٍ يسكنه الصدى، وبعتمةِ زمنٍ تاه في أصعب ألاعيبه.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية