بسم الكون الفسيح، وبأنفاس الوجود الهامسة، وصدى الحقيقة الأزلية.
من عالم يوازي عالمكم، يفصلنا عنه حجاب رقيق كنسمات الفجر، أكتب إليكم ذبذبات صوتي يا سكان الأرض. أنا أزورا، راصدة الوشوشات المتنقلة عبر الأكوان، أرى الفضاءات المنزوية بسديم الفراغ المهول، أسمع تردد همسكم المختبئ في الأحشاء المظلمة.
رصد مجسي همسا متألما بوشيشًا خافت. تأملت تفاصيل أرضكم، تجلت لي صور أيامكم كأطياف عابرة. اعتصر الألم قلبي لما آلت إليه أحوالكم.
غُطِيتُم بضباب الحقد، ليس من غبار، بل من ركام الأفكار المتعفنة والنفوس القابعة في دهاليز العتمة. تئن الأرض متشربة سموم الغفلة المنغرسة أنيابا في نبض الحب الأصيل وشريان الوجود.
تحولت الحياة الزنبقية إلى زئبقية متشكلة رمادا يُصدعُ الفواصل، لتتسرب طاقة الفوضى من البعد الرابع.
جلد روحي السابحة جفاف ينابيع الإنسانية وسطوة عدم الوجدان. أطياف البؤس تراقص الفراغ المبتلع لعيون الأطفال، وشبح الجوع يجوب الشوارع المترفة، ولم يرتجف لها وتر العطف.
أشعلتم نيران الفرقة ببنزين الأنانية، وصمكُم ضجيج الأنا المتضخمة. أصبح القتل كهمسة عادية في أُذن الوعي المتخثر، والظلم يعلق لوحة متكررة على جدران الغفلة.
تجاهلتم أن كل نبضة قلب تتردد في الآفاق هي سيمفونية متلاحمة. فقدتم البوصلة الفطرية في تلاطم المصالح وهيجان الفرقة المُشتتة.
أدعوكم لقشع الخبث عن ذواتكم الحقيقية المكنونة. أعيدوا البسمة واسقوا جذور الحياة بالمودة والقناعة والرضا. مدوا خيوط الوصال بين القلوب وأزيلوا غشاوة الأنانية، واحفظوا الرأفة نغمة الكون ولغتها العليا. أضيئوا قناديل أعماقكم، ولا تسمحوا لقسوة القلوب أن تميت زهرة الوجدان اليانعة.
أنتظر رنين الحب من أرضكم وإشراقة الوعي.
بكل الحب والألم الكوني.
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية