وسط مدينتي التي تعِجُ بالفوضى
وصوتُ إصطكاك أسنان العالم
الذي يوقظُني كل صباح لأحمل رأسي بين يديَّ
وأركض، كما في أفلام ديزني
كنت أركض حافيًا على طُرقٍ وعِرة،
مُصابةٌ هيَّ بداء التسوس
ومن طعنةٍ إلى طعنة يتراقص في عينيَّ حُبُ الموت
وتُحجبُ في عينيَّ ملذاتُ العالم الفارهة هذه
في لحظةِ الألمِ تِلك لم يؤرخ العالم لحظة سقوطي
ولكنهُ قد أطاح بصبريَّ الذي هدهتهُ بداخلي على مهل
حينما كُنتُ أعبر الحياة كل يومٍ وفي ظهريّ ندبة
عميقة يرُشُها العالمُ كُل يومٍ بالملح ويُقشرُها بأصابعهِ المُتعرقة
كان يودُني أن أسقط ليلتهمني
ويسكُبَ عليّ تِلك الضحِكات الساخرة التي خبأها طويلًا
خلف ثنايا ثغرِه العبوسِ ذاك
كان يُمني النفس بسقوط أخرِ حبات الأمل
المُعلقةِ بنصفِ خيطٍ على قلبي
ولكنهُ لم يدري بأنها
كانت أخف من أن تسقُط
وأثقلَ بكثيرٍ من تِلك الأحزان المُتعفنةُ بداخلهِ
يا عالم؛ أنا الأن أركض
وأعلمُ جليًا بأن ركضي بمثابة ضوءٍ أخضر قد يوشكُ أن
يُشعرُكَ بحرارة النصر ولو للحظة
ولكنك خاسر
برغم كِبر حجمِك إلا أنك صغيرٌ؛
حينما يُعلقُ قلبُ إنسانٍ بحُب الموت
هُنا حيثُ الشمس تُجهزُ نفسها لعُرسٍ شِتويٍّ قارص
والأشجارُ تُخيط أكفان أوراقِها بالدموع
من كان يظُنٌ بأننا قد نُحبُ الشمس لمجرد قدوم الشتاء؟
ومن كان يظُنُ بأننا قد نكرهُ العالم لمُجردِ تصورِ الراحةِ التي تعقبُ الموت؟
لقلبي أولاً
تآنى وأنتَ تعبُرُ المسافةَ الفارغة
بين الحياة والموت
لا تعبر وفي داخلك حُب الرجوع وكُرهُ فكرة المواصلة
ولا ترجع وكُلكَ يودُ أن يمضي دون عودة
نحنُ البشر متهمون بتكدُسِ الافكار داخل عقولنا
ولأن الفكرة تتعفنُ إذا لم تجد من ينتشلها من قعر الخفاء
وجدتُني؛ تفوحُ مني رائحةُ الأفكار
ولأني رجُلٌ بذاكرةٍ شبهُ ناقصة
لم أتذكر، ولم أرقص وأنا مخمور لتتساقط من رأسيَّ الأفكار
ولكني ركضت
كما تركُضُ القطط
بين أزِقةِ المدينة المُحطمة هذه
هاربٌ من الحياةِ إلى الموت
بلا حقائب سفرٍ مُكتظة
وبلا ثيابٍ فارهة تُزينُني
فقط جواز سفرٍ أحاكهُ لي العالم
وغرسهُ عميقًا في أعماق قلبي
وبخطٍ عريض دون على خانةٍ الإسم فيه
“خسارتي الأولى”
نعم
أنا خسارتُكَ يا عالم
وحدي من كرهتُكَ واحببتُ الموت
ووحديَّ أنا من قال لكَ وداعًا
قبل أن تُباغتني بها ذات يومٍ
وبين فكيكَ إبتسامةُ عريضة
تُشيعُ بها نعشي.