سَوف يَملأون الغَابةَ ضَجِيجًا
عند جَلبِنا إليّها،
يَشْعِلون النِيرانَ بشكلٍ دائريٍّ
مُباغت،
وَيقْحمون أنفُسَهم
على تَرديدِ
أهازيجٍ سِريانيّةٍ مُبْتعثَةٍ
مِنْ قدّاسةِ تربةِ قبرٍ ما.
يَبْدأونَ بالصِياحِ
كَتَرويضٍ أوّليّ لِحناجرِهم
الصَدئة،
أمّا نَحْنُ -أنا وأنتِ-
نَقضِمُ أصابِعَنا
ثُمَّ نُلوكها عَلى مهْلٍ
وَنَتْفِلُها على الأرضِ
رَيّثما يَستَوي حَتفنا
الّذي يَطبُخونَه بِمُتعَة
. يَشعُرونَ بِاقتِرَبِنا
مِنْ مَوتٍ جَديدٍ
فَناكل آخر أصَابِعنا
وَنبلعها كَتخديرٍ تَقليديّ
. تقتربُ الصامِتةُ
خطوَةً خطوَةً
تصلُ حتّى قَدَميّنا
فَتبدأ بالتّمتَمةِ
بِسرعةٍ خارِقةٍ
“كُلُّ واحدٍ
في طَريقٍ كأنتُما
بعدَ الحَريقِ
لاتشتما القَدرَ اللقِيطَ
أنتُما سَتبكيان أنتُما تبكيان..”
يبدأونَ بالحفرِ
وينتهون بردمِ التُرابِ
عَلينا في حفرةٍ أنيقة.
تَمرُّ الكثيرُ من الأقدَامِ
فوقنا،
أقدامٌ ترقصُ
وآخرى تشعرُ
بإقترابِ الأجلِ
فتمشي باستِقامة
. -لا أدري حتّى هذهِ
اللحظة،
ما المتعةُ الكامِنَة
في قتلِ النَّاسِ
– تَنبت شجرةٌ
من بينِ أضلاعِنا
فوقَ قبرِنا المُتخيّلِ
هلْ صِرنا بُذورًا يا عَزيزة؟
أم أنّنا هكذا منذُ الأزلِ
بذورٌ قامت برحلةٍ
لِترى محصُولَها
يجنيهِ غيرها
فعادتْ بقوّةِ الحُزنِ
إلى المنفى
. هذا لايَهم،
مايهمُّ الآن
هو أنّهم يأتونَ
إلى ظِلّنا/هُنا
كُلّ ليلةٍ
يَرقِدُون قليلًا
فوقنا ثُمَّ يبدأونَ
الرقصَ على أغنياتِ
التَانجو،
بخفةٍ قاتِلةٍ
شَعرْنا بذلك
مِنْ أصابِعنا الّتي
لا زلنا نشعرُ بألآمِها
كُلّما أرادَ أحدُهم
إبهارَ حَبيبته
بِحَرَكةٍ جَديدةٍ!
عندما ينتهونَ
يَنسِلّون معَ الفجرِ
للبحثِ عنْ بذورٍ
أُخرى لا تُثمرْ
إلّا أشجارٍ ظالّة.
الآن أيُّها العالمُ
سوفَ تحصلُ
على أولِ هيكلين
عظميين،
ينفرانِ ويرفضان
بعضهما،
وكأن الآمرُ
أشبه بِخدعة،
لقد غادَروا
منذ برهةٍ
مُخلفيّن وقعًا
هادئًا
كصمتِ مِحراب،
كفيلٌ باستعادةِ
قدسية التراب
اللاندماجية