شارد الفكر ، تائه النظرات ، يقلب بصره يمنةً ويسرة
فلا يشاهد سوى وميض القنابل ،
يشعر بصغاره متمسكين به من كل جانب ،
يسمع صراخهم الذي يملأ المكان ،
فالأرض من حولهم جحيم
والسماء من فوقهم تضج بالطائرات
التي ترسل شظاياها دون تمييز ،
مرت تلك الليلة المرعبة على العائلة الصغيرة دون مكروه ،
ليقرر عمر المغادرة والرحيل صباحًا لحدود إحدى
دول الجوار أملاً في العبور إلى أراضيها
عله يجد مأمنا لصغاره ،
طال الانتظار
وطال
المأوى ما من مأوى
فالأرض فراش
والسماء لحاف
المأكل ما من مأكل
سوى فتات يبقيهم على قيد الحياة ،
وآه ما أصعبها من حياة فكلما نظروا إلى الأمام فثمة جنود وأسلاك حدود شائكة تمنعهم من العبور ،
وإذا نظروا إلى الخلف رأوا وطنًا محطمًا
تأكله نيران الصراعات من كل جانب
ليصبحوا مشردين عن وطن؟
بات عمر وصغاره على الخط الفاصل بين الدولتين،
استمرت المعاناة لليال وأيامٍ وشهور،
وفي إحدى الليالي المظلمة شعر بحثيث خطى قادمة نحوه
من جانب الدولة التي يريد اللجوء إليها فأوجس منهم خائفا
كتم أنفاسه بعد أن استدار بهدوء واضعًا صغاره خلف ظهره
ظل يراقب ويتنصت بوجل، تسارعت نبضات قلبه كلما زادوا في الاقتراب منه،
لم يشعر القادمون إلا وهم يصطدمون به،
يتمتم أرجوكم صغاري خلفي لا ترعبوهم
فما كان من أحدهم إلا أن أشار عليه بالهدوء
والتحدث بصوت منخفض آمرًا البقية بالجلوس
عمر : من أنتم
نحن المهاجرون سعد ٢٠ سنه خالد ١٩ سنه محمد ١٨ سنه
جئنا لنصرتكم وسنلتحق بالمجاهدين
عمر : غريب أمركم الناس تهرب من الجحيم وأنتم تأتون من بلاد النعيم له أرجوكم عودوا حتى لا تخسروا أرواحكم فلا زلتم في بداية اعماركم،
لأجل نصرة الحق وإعلاء كلمة التوحيد تهون الأرواح،
نحن الآن على عجل نريد أن تخبرنا عن الطريق المؤدي إلى أعزاز
عمر: أمامكم على بعد خمس كيلو متر تقريبا
نستودعك الله
يواصلون مسيرهم باتجاه النقطة المحددة مسبقا مع من سيستقبلهم يشير خالد هناك نورٌ خافتٌ أمامنا
يحثون الخطى سريعا باتجاهه،
عندما اقتربوا تيقنوا أنها انوارُ سيارة متوقفة
علهم إخواننا المجاهدين بانتظارنا
يصدر صوت من جوار السيارة يأمرهم بالتوقف
وترديد كلمة السر
رددوا بصوت واحد (السمبتيك)
مرحبًا بكم تقدموا
تقلهم السيارة إلى مقر الولاية وتنزلهم عند بوابتها الخارجية
يقوم البواب بتفتيشهم تفتيشاً دقيقاً لم يكن معهم سوى جوازات سفرهم وجوال صغير وبعض من المال القليل
يتم التحفظ على أشيائهم ويفسح المجال أمامهم للدخول .
تقلهم السيارة إلى مقر الولايةِ وتنزلهم عند بوابتها الخارجية
في الداخل ينتظرهم نائبُ الأمير الذي بدوره أمرهم بتسجيل بياناتهم عند كاتب الولاية والتوجه للمصلى حتى تحين صلاة الفجر وبعدها يعودون له،
ينهون تسجيل بياناتهم يتجهون للمصلى، كانوا متعبين فاستلقوا لأخذِ قليل من الراحة غلبهم النعاس فناموا، ولم يشعروا إلا بالركلات توقظهم من قبل المؤذن مردداً صاحبها بيوت الله للعبادة لا للنوم أيها السفهاء؟؟
استيقظوا مرعوبين أمرهم بالذهاب للمغاسل من أجل الوضوء وعدم التأخر عن الصلاة، خرجوا وأتموا الوضوء بعجل خوفا من أن يتأخروا
دخلوا المصلى و أدوا ركعتي السنة و ابصارهم زائغة فاللحى مطلقة وشعور الرؤوس مسدلة والأصوات بالتلاوة مرتفعة
لحظات ويدخل رجل مربوع القامة طويل اللحية قسمات وجهه تملأها الشدة عاصبًا على رأسه عمامة سوداء تتوقف التلاوة تعاد المصاحف لمكانها يقف الجميع
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
تقام الصلاة يؤم المصلين
تنقضي الصلاة
يخرج الإمام فيتبعه بقية المصلين
يتوجه خالد وصاحبيه لنائب الأمير
الان عليكم الانتظار هنا حتى أبلغ الأمير بأمركم
يعود لهم الأمير يريدكم وعليكم عدم رفع أصواتكم فوق صوت الأمير والرد عليه بكل صدق وصراحة
اتبعوني..
يطرق الباب طالبا الإذن لهم
يدخلون وقلوبهم بالغة حناجرهم
يسلمون بصوت منخفض
لم يرد
يأمرهم النائب بالوقوف على خط أحمر
يبعد عن مقعد الأمير بحوالي خمسة أمتار،،
يقفون وأبصارهم شاخصة وقوائمهم ترتجف
يفاتحهم سائلا
ما هو السبب لقدومكم وأريد من كل واحد منكم أن يجيب؟
خالد : جئت نصرةً لإخواننا المستضعفين
الأمير : بل إخوانكُ المسلمين
سعد : جئتُ للجهاد
محمد : سبب مجيئي هو تأثري بشخص يدعى سليمان يعرض
مقاطع لكم على مواقع التواصل
الأمير : حسنا أنتم ليس في أعناقكم بيعة فرددوا معي ( نبايع أمرينا القرشي أبو بكر البغدادي على السمع والطاعة في المنشط والمكره)
الأمر الثاني : خالد سيكون اسمك الجزراوي وسعد سيكون اسمك
النجدي وستنظمان لقائمة فصيل الاستشهاديين
وأنت يا محمد سيكون اسمك المهاجر وستنضم لدورة دينية ودورة قتالية وبعدها تلتحق بفصيل إخوانك المجاهدين
والآن عليكم أخذ جوازات بلاد الكفر هذه والتبرؤ منها بإحراقها
خذهم أيها النائب وسلمهم لقيادات فصائلهم بعد توثيق عملية الإحراق،
يأمر الأمير حاجبه بإعطاء هدية لسليمان عبارة عن
سبيةٍ لنجاحه الدعائي في استقطاب الشباب
نائب الأمير يستدعي المصور لتوثيق عملية حرق الجوازات
يحضر رجل ذو حرفية عالية في الإخراج انتسب حديثًا للتنظيم من أصول أوروبية
يقوم بتهيئة مكانٍ للتصوير وتدريب الشبان الثلاثة حتى تظهر عملية “الأكشن” ملفتتًا للانتباه عند بثها
تنتهي عملية التصوير يسلمهم النائب إلى قادة الفصائل
ينخرط خالد وسعد مع فصيل الاستشهاديين
يسلمهم قائد الفصيل سلاحين ويخبرهم بأن لديهم تنفيذ عملية إعدام لاثنين من المرتدين لقيامهم بالتدخين والتأخر عن الصلاة بعد الانتهاء من التمارين
خالد وسعد نشأا في بيئة غير منفتحة
ولذلك لم يترددا في تنفيذ العملية
أُحضرا المدانين معصوبي العينين
أمرهم القائد بإطلاق النار على الرأس من الخلف
أطلقا النار لترتفع أصوات بقية أفراد الفصيل بالتكبير
والتهنئة للاثنين لكسبهما الأجر العظيم
محمد : يلتحق بالدورة الدينية، يرحب به الشيخ
ويهنئه بالهجرة من دار الكفر إلى دار الإسلام
ويواصل درسه الذي عنونه بـ الولاء والبراء
محمد نشأ في بيئة منفتحة وغير متشددة دينيا
يلتقيان الثلاثة على وجبة الغداء
خالد مخاطبا محمد هنئنا لقد قتلنا اليوم إثنين من المرتدين
محمد : وماهي جريمتهم؟
خالد : التدخين والتأخر عن الصلاة
محمد : أطرق برأسه، بداخله عدة استفهامات لا يستطيع نطقها؟؟
في المساء بث التنظيم شريط الحرق ، لتنزل مشاهده كالصاعقة
على أحمد الشقيق الأكبر لمحمد عندما شاهد أخاه منظماً للتنظيم
بات ليلته مهموماً لم يذق نوماً ولا راحة،،
يواصل خالد وسعد تدريباتهم بكل إخلاص ليأتي بعد أسبوع الاختيار عليهم لتنفيذ عمليتين وعليهما التهيؤ لذلك،
يخبران محمد : الحمد لله لقد تم اختيارنا لتنفيذ عملية استشهادية لا نقول لك وداعا بل ملتقانا الجنة بين الحور العين؟
تجهز السيارتين بكميات من المتفجرات وفي المساء يستقلها الاثنان يقودانها إلى مجمع سكني ويفجرانها بين النساء والأطفال وخلفهم مجموعة من المقاتلين من ضمنهم محمد للإسناد بعد الانفجار والمهاجمة للسيطرة وجمع الغنائم وسبي النساء
تمت العملية، استولوا على غنائم وسبايا من النساء عادوا للمقر فرحين
(نصر من الله وفتح قريب)
ماعدا محمد الذي فقد رفيقي دربه لكنه كتم احزانه واستفهاماته خوفا على حياته!
يستقبلهم الأمير يهنئهم بالنصر والغنائم
يتجول بين السبايا يختار ما يشاء منهن،
والبقية أمر أن يتم تقسيمهن على المجاهدين،
يحصل محمد على سبيه كنصيب له ليبات معها ليلتين او ثلاث
أخذها وهي خائفة لكنها عندما رأته اطمأنت قليلاً رغم جراحها، النفسية الغائرة،
ابتسم لها كاتماً همه بداخله آملاً تهدئتها.
لكن أحمد هناك لا يهدأ له بال يبحث في مواقع التواصل عن أي خبر يفكر ويحاول بشتى الطرق أن يعرف اي معلومة عن أخيه محمد
يجلس محمد مقابلا تلك الفتاة متمتماً لها لن أقربك اطمئني محاولاً أن يبعد عنها الرعب الذي سكنها
محمد : اسمك
ترد : أصالة
_تنفجر قائلة_ أي دين تتبعون وايُّ قلوب تحملون، تقتلون الأطفال وترملون النساء وتعدمون الشيوخ وتخطفون الشبان
محمد : يطرق رأسه حسافة وندامة، لقد كنت ضحية تقاد من غير حول ولا قوة.
تواصل أصالة حديثها عن المآسي التي حدثت في مدينتها وهو يستمع لها دون مقاطعة او اعتراض
عرف الاثنان أنهما ضحيتان
محمد : لابد أن نجد طريقة للهرب من هنا بسرعة
أصالة : إلى أين نهرب؟
محمد : لا بد أن نغامر فنهاية بقائنا هنا الموت.
أصالة : أهرب أنت أما أنا فلم تعد الحياة تعني لي شيئا بعد فقداني لعائلتي.
محمد : أعرف أن ما تعرضت له مرعب وهو واضح على قسمات وجهك المملؤة حزناً، لكن لابد أن تضغطي على مشاعرك وتتناسي الآلام حتى ننجو سوية فلن أتركك هنا وأهرب
أصالة :أعرف أنك تشعر بذنب لا يد لك فيه، وقد قسوت عليك في بداية حديثي قبل أن تتضح لي حقيقتك ولذلك أقدم أسفي واعتذاري
محمد : لا عليك، الأن دعينا نفكر في خطة للهروب من هنا
يقاطع حديثهما طرق على باب غرفتيهما، ينهض محمد من على الباب
افتح فأنا الخنساء أميرة الدعوة يفتح لها الباب
الخنساء : ما اسمك أيتها السبية؟
أصالة.
حسنا كوني جاهزة صباحا سآخذك لدورة تأهيليه نعلمك من خلالها الإسلام
وفي المساء ستعودين لمعاشرة مجاهدنا الهمام لتزدادي رفعةً في الدنيا
وثواباً في الآخرة
باتا ليلتهما يفكران في خطة الهروب حتى سمعا المنادي ينادي للاستيقاظ لصلاة الفجر
أصالة : عليك الإسراع في الذهاب إلى المسجد حتى لا يسجلون عليك
ملاحظات
تؤدى الصلاة ليقف الأمير أمراً الجميع بالاصطفاف في الساحة فهناك عملية إعدام ستنفذ
يصطف الجميع في الساحة ليحضر آمر السجن يتبعه جنوده الذين يقودون رجل وامرأة مكبلي الأيدي معصوبي العينين حتى اجلساهما في وسط الساحة
ليتلو نائب الأمير جرمهما فقد كانا يخفيان أطفال المدينة الذين فقدوا أسرهم والتي لم تتجاوز أعمارهم العاشرة بمنزليهما عن أنظار جنود الدولة حتى لا يلتحقوا بمعسكر أشبال الخلافة ينتهي البيان فيتقدم طفلان من الأشبال في العاشرة من العمر يحمل كل منهما مسدسا بيده مصوبان فوهاتهما باتجاه الشخصين
بانتظار إشارة الأمر التي لم تتأخر ليطلقا الرصاص على المذنبين
لتضج الساحة بالتكبير
يعود محمد إلى غرفته والندم والحسرة تتملكانه ، لم يجد أصالة فقد أخذتها الخنساء لمقر الدعوة
تستقبل المشرفة بالمقر أصالة بأسئلتها عن الإيمان والإحسان وكم تحفظ من القرآن؟
كانت أصالة ملمة بأغلب النواحي الدينية لذلك أجابت بسهولة
تعجب الخنساء بردود أصالة وتبلغها بأنها ستكون من ضمن فريق الدعوة
وستأخذ لها عباءة إسلامية وسيكون لقبها أم كلثوم
تعود في المساء أصالة لمحمد مخبرتاً إياه بتفاصيل يومها
لم يشأ أن يخبرها بما رأى حتى لا يزيدها حزناً
هناك من ينادي على الباب أم كلثوم أم كلثوم افتحي أنا الخنساء
تقوم أصالة بفتح الباب
الخنساء : خذي هذه عباءة إسلامية نظير تميزك بدلا عن عباءتك هذه الغير إسلامية؟
أصالة : جزيت خيراً
الخنساء : كوني جاهزة صباحا لمرافقتي للدعوة فإنني أحبك في الله
استودعك الله
يبتسم محمد قائلاً أم كلثوم بتعجب !!
مدندننا (حب إيه اللا أنت جاي تقول عليه)
تبتسم أصالة رغم أحزانها، دعنا في الأهم وهو خروجنا من هذا الجحيم
اسمع خطرت لي فكرة ما رأيك أن تلبس عباءة ونخرج كامرأتين فحارس البوابة لا يدقق على النساء كثيراً .
ألبس عباءة؟
وما المانع أن تلبسها مادام أنها ستكون سببا في نجاتنا؟
هيا لا تتردد ودعنا نستغل الفرصة فاللحظة مواتية لنا فالجميع قد ذهبوا لصلاة العشاء.
يلبسها بخجل.
تتقدم أصالة بهدوء تفتح باب الغرفة تلقي نظرة تلتفت إلى محمد محركتا رأسها بإشارة الخروج
يسيران حتى وصلا البوابة، قبل أن يمرا يبادرهما حارسها
من أنتن والى أين خارجتان
أصالة : أنا الخنساء أميرة الدعوة سنقوم بجولة لسوق النساء لأمرهن بإقفال المحلات
ومن هذه معك؟
يبدو أنك تريد أن أرفع اسمك للأمير فأنت تريد محادثة النساء الأجنبيات
رد متلعثما لا بل أردت التأكد
ألم أقل لك إني الخنساء؟؟
تفضلي تفضلي
يخرجان من البوابة بعد أن داخل محمد كثيرا من الخوف
تسلك به طرق المدينة المظلمة فهي تعرفها
يواصلان المسير شمالا، لقد نجحا في الخروج من المدينة
بصوت منخفض تتحدث أصالة :سوف نبتعد عن الطريق الرئيسية
ونمشي بطريق آخر حتى لا يصادفنا المارون
الساعة تشير إلى الحادية عشر والنصف ليلا
إنهما يشاهدان أنوار بلدات الدولة المحادة بوضوح لم يتبقَ لهما سوى القليل للوصول إلى المعبر الحدودي، الذي أصبح مفتوحا أمام العالقين من النساء والأطفال وكبار السن
وبذلك فقد استطاع عمر وصغاره العبور والدخول لمخيم اللاجئين
أصالة : شبه نجحنا
محمد : نجونا الحمد لله
الساعة تشير الى الواحدة صباحا يصلان
كانا متعبين فقررا المبيت بجوار الحدود
ناما ولم يستيقظا إلا مع شروق الشمس،
يتجهان للمعبر ومن حسن حظهما أن العابرون كثر
دخلا في خضم الزحام وعبرا مع النساء ليستقرا في ساحة المخيم
محمد : يأخذ نفسا عميقا ليزفر كل رجفة سكنت جوفه
أفعلا نجونا من الجحيم؟؟
الحمد لله نجونا بأعجوبة
يوزع مسؤولو المخيم بعضا من الطعام لكل شخصين وجبة
يحصلان على وجبة ويتشاركان أكلها
يقومان بالبحث في المخيم عن ملجأ لهما
أثناء سيرهما يتوقف محمد لا يكاد يصدق ما ترى عيناه
مطلقا نداءه بصوت عالي يا عم عمر
ينطلق راكضا نحوه يغمره الفرح بلقائه
يعانقه عناق الأمان يبادله عمر نفس الشعور يداخله شيء من التعجب!
عمر : كيف حالك وحال صديقيك؟
أنا بخير، صديقاي؟! فيما بعد سأحكي لك الحكاية أين هم أطفالك؟
عمر : في الخيمة المقابلة تعال معنا
يشير بيده لأصالة بالاقتراب
يدخلون يقبل محمد الصغار وكذلك تفعل أصالة
الخيمة ضيقة جدا ولكن صدر ساكنها كان رحبا
أخبرني أين صديقاك
بنبرة حزينة لقد قتلهما المارقون
عمر : الله يرحمهم، نعم إنهم مارقون قتلة
وقد شرحت لكم الوضع في لقائي بكم لكنه الحماس هو ما أعمى أبصاركم
الحمد لله على سلامتك
محمد : ليتنا أطعنا نصحك ولم ندخل مع إنني لم أكن مقتنعا بالفكرة من البداية
عمر : من هذه الصبية معك؟
هذه لولاها ما خرجت من ذلك الجحيم، لقد قتل التنظيم كل عائلتها وأخذوها سلعة تباع وتشترى
عمر : _يواسيها_ صبرا يا بنيتي فالأزمة قد قست على أغلبنا
أصالة : لقد كان حظي جيدا بلقائي محمد فله الفضل بتشجيعي على الهرب من ذلك المستنقع القذر
عمر : آن الأوان أن تعود لأسرتك يا محمد
محمد : لقد أمروني بإحراق جوازي والآن لا أعرف كيف أعود
عمر : إذن قم معي لتطمئنهم أنك بخير فهناك شخص لديه هاتف سيعطينا بمقابل مالي
يمسك محمد بالهاتف مدخلا رقم هاتف المنزل يرن
ترفع الأم السماعة الو
محمد يا أمي
تنفجر باكية من شدة فرحها
غصة في الحلق وتناهيد في الصدر لم تسمح لها إلا بكلمات بسيطة
الآن أنا بخير
لتعطي أحمد السماعة
يطمئن على أخية سائلا إياه أين أنت الآن؟
في مخيم اللاجئين فأنا قد فقدت جوازي
احمد : سلم نفسك لسلطات البلد لديك فقد قمت بإبلاغ السلطات هنا عن موضوعك والآن سأبلغهم باتصالك.
تنتهي المكالمة ليعودا للخيمة كانت الابتسامة بادية على وجه محمد حتى دخل على أصالة
عمر : الحمد لله أنك ستعود لأهلك
محمد : لن أعود حتى تقطع لي وعدا بأن ترعى أصالة كما ترعى أطفالك
لا تخف عليها ستكون كأبنائي الثلاثة وسنغادر معا
محمد : إلى أين
إلى أحد دول أوروبا فأزمتنا ستطول والبرد على الأبواب وهذه الخيمة كما ترى لن تقينا من البرد وهناك للإنسان قيمة أفضل من هنا
تبقى لدي بعض المال سأدفعه لأحد المهربين لتهريبنا
تحاكي العينان بعضهما البعض دون كلام فأصعب اللحظات لحظات الفراق
يقبل محمد الصغار يحتضن عمر بحرارة يودعه بصمت
يقترب من أصالة تقترب منه يتعانقان العناق الأول والأخير
يخرج باتجاه غرفة أمن قريبة من المخيم مسلما نفسه ليسلموه بدورهم لأمن العاصمة، يتم استجوابه وإيداعه السجن لمحاكمته
يغادر عمر من المخيم باحثا عن من سيقوم بتهريبه
يلتقي بأحد سماسرة تهريب البشر ليتفق معه على تهريبهم عن طريق البحر
يحاكم محمد بالسجن لدخوله البلد بطريقة غير مشروعة
يصل عمر للشاطئ بانتظار قارب بحري لتهريبهم
لحظات يصل القارب، لينزل شخص آمرا الجميع بالركوب
يركبون متلاصقين ببعضهم فالزحام شديد يصعد عمر ممسكا باثنين من صغاره
تتبعه أصالة حاملة الطفل الثالث
يبحر القارب ببطء فقد حمل فوق طاقته الاستيعابية، يواصل في الظلمات مسيره حتى وصل منتصف المسافة عندها شعر الجميع بهبوط القارب من الخلف ليبدأ مشهد الرعب والخوف يدب في القلوب أصوات البكاء والصياح تتعالى يحاول مساعد قائد القارب تهدئة الوضع والنظر إلى مؤخرة القارب أمر بعض الركاب بإخراج المياة أملا في النجاة يزداد منسوب المياة لتتعالى الأصوات ويبدأ التدافع من شدة الهلع والخوف يتساقطون واحدا تلو الآخر ليسقط عمر وهو ممسكا بصغيريه جراء التدافع
تسقط أصالة وهي محتضنة الصغير ليلفظوا أنفاسهم غرقا،،
يجلس محمد من نومه مفزوعاََ لقد كان في كابوس مرعب يشرب قليلاََ من الماء داخل زنزانته لم يتبق له سوى يوم واحد على انتهاء محكوميته وغدا سيرحل لبلده الأم
في اليوم الثاني تلفظ أمواج البحر الجثث إلى الشاطئ لتتسابق صحف ووكالات العالم على التقاط صورها المؤلمة