المُتَمَرِّد/ بقلم: محمد الشافعي

مِنْ كُلِّ فِكْرٍ لا يُوَافِقُ مَقْصدَه
قد حَاكَ ما لا تَرْتَضِيْهِ المَفْسَدَة

قد غاصَ في كُلِّ المَشَارِبِ باحثًا
عَنْ مَنْهَلٍ عَذْبٍ يُغَذّي مَوْرِدَه

لكِنَّهُ رغْمَ الْوُرودِ لِمَائِها
مَا بَلَّ رِيْقَ البَحْثِ عَمّا أوْقَدَه

يلْهُو كَمَا يَلْهُو اللَّهِيْبُ بِضَوْئِهِ
لَمّا تُراقِصُهُ ظِلالٌ مُوْقَدَة

يُبْدِي خَفِيَّ الإنْدِهَاشِ تَسَاؤُلاً
ويُخَبِّئُ الأَسْرَارَ طَيَّ الأفْئِدَة

وكأنَّ دَهْشَتَهُ بِدَايَةُ ثَوْرَةٍ
سِلْمِيَّةٍ، تَدْعُو لِقَطْعِ الأوْرِدَة

إنْ قَالَ غَلَّقَتِ القُلُوْبُ دُرُوْبَها
وتَفَتَّحَتْ كُلُّ العُقُوْلِ المُؤْصَدَة

كَمْ كَفَّرُوهُ وزَنْدَقُوهُ وكُلَّمَا
قَتَلُوهُ عَانَوا مِنْ جَدِيْدٍ مَوْلِدَه

يَنْحَازُ لِلرَّفْضِ المُبَرَّرِ إنَّمَا
كَمْ جَمَّعَ التَّبْريْرُ رَفْضًا بَدَّدَه

كَمْ ناهَضَ التَّبَعيَّةَ العَمْيَا، وكَمْ
تَبِعَ الْعَمَى مُتمرِّدًا لِيُؤيِّدَه

تلقاهُ يَشْكُو جَهْلَ أُمَّتِهِ بما
يُبْدِيْهِ وَهيَ بِما يَقُولُ مُنَدِّدَه

كَمْ سَلَّ سَهْمًا مِنْ كِنَانَةِ رَأْيِهِ
وإلى الصُّدُوْرِ المُسْتَحِيْلَةِ سَدَّدَه

ما هَابَ مِنْ تَرَسَانَةِ الحُكَّامِ فِي
عَصْرٍ بِكُلِّ رَزِيَّةٍ قَدْ هَدَّدَه

تُغْرِي ابْتِسَامَتَهُ شَتَائِمُ خَصْمِهِ
وتَرَاهُ مَهْمُومًا لِطِفْلٍ مَجَّدَه

إيْمَانُهُ أنّ الْمُحَالَ تُحِيْلُهُ
حَالٌ مِنَ الوَعْيِ العَمِيْمِ مُؤَكَّدَة

ولِذَا تَصِيْرُ الإسْتِحَالَةُ مُمْكنًا
وتُقَدِّسُ الأشْعَارُ فِيْهِ تَمَرُّدَه

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!