بقلم: أسيد الحوتري
ماذا يحدث في غزة؟ سؤال طرحه كل من الناقدين سليم النجار ووداد أبو شنب، وجاءت الإجابات من عشرات الأدباء والمثقفين العرب لتجتمع معا على شكل سلسلة من الكتب صدر جزؤها الأول في يناير (2024) عن مجموعة من دور النشر ضمت كلا من هبة ناشرون وموزعون، جسور ثقافية للنشر والتوزيع، الرعاة للدراسات والنشر.
أنا أسأل إذا أنا موجود، هذا ما يؤكد عليه أصحاب هذا الملف الثقافي المكرس لمعركة طوفان الأقصى. ما زال الشعب العربي الفلسطيني موجودا رغم تآمر الغريب، وتواطؤ الصديق، وتخاذل القريب. ماذا يحدث في غزة؟ سؤال يؤكد وجود السائل، ويقاوم وجود المحتل، ويستفز الأقلام للبحث عن جواب.
يختلف هذا الملف عن غيره من الملفات بأنه كتب أثناء معركة طوفان الأقصى وقبل أن تنتهي، فهو بالإضافة إلى تحليل إرهاصات المعركة، وتوقعات نهايتها، ونتائجها، فإنه يسجل يومياتها. صحيح أن كثير من الحقائق تغيرت، فارتفعت أعداد الشهداء والمصابين، ووأعداد المباني المدمرة، وقتلى العدو وجرحاه وخسائره، إلا أن هذا التوثيق اليومي لأحداث المعركة والذي يشمل أحداث قد تبدو صغيرة، وأسماء غير معروفة، ومواقف عادية قد يطويها الزمن، إلا أن كل ما ذكرهو بالضرورة جزء من الحقيقة في لحظة الكتابة عن المعركة، جزء مشحون بالعاطفة الصادقة التي يعيشها الكاتب أثناء التحليل والتوثيق. هذه اليوميات إن لم توثق قد تضيع أدراج الرياح بعد نهاية المعركة. كما يُظهر هذا التوثيق وجود اللامعقول في السياسة فالكثير من التوقعات التي لم تحدث قد حدث عكسها تماما، على الرغم من كونها منطقية ومدعمة بأدلة قوية.
ماذا يحدث في غزة؟ أجابت وداد أبو شنب في مقددمة الكتاب قائلة: “هو رجع صدى خمسة وسبعين عاما من الأنين تحت نير مستعمر…”( النجار وأبو شنب 11).
أما رئيس رابطة الكتاب الأردنيين الشاعر أكرم الزعبي فيرى أن ما تقوم به آلة القتل الصهيونية في غزة منشؤه” نظرة دونية للآخر باعتباره “حيوانا بشريا” يجوز قتله دون أي إحساس بالذنب أو الخطيئة…”(13).
هذا وقد أكد الروائي الفلسطيني نسيم قبها أن “حرب غزة تعول عليها أمريكا للتهجير” (15)، وأن”حرب غزة ستطول قليلا، والحرب البرية التي يهدد بها نتنياهو كل يوم ستتأخر قليلا، لأنه لا يريد حرب شوارع غير معتاد عليها” (17).
أما الروائي الأردني سعيد الصالحي فقد تطرق إلى تحوّل الشعب الفلسطيني إلى حقل تجارب لأحدث الأسلحة الغربية وفصّل في هذا تحت عنوان “شعوبنا العربية حقل تحجارب لأحدث أسلحتهم”(19).
الكاتب المغربي محمد بنيس شدد بدوره على أن طوفان الأقصى “فعل ساحق ومعجز، إن المقاومة الفلسطينية في مركز ما سيأتي، لا ريب، سيتضاعف عدد الأعداء والعملاء مثلما سيظهر مناصرون” (24).
الكاتب الأردني هارون الصبيحي في مقالته التي تحمل عنوان “اقتلني شكرا” أكد على أن” ما حدث يوم (7) أكتوبر هو رد بسيط جدا على (75) عاما وأكثر من المجازر والتشريد والقهر والطغيان الذي مورس على الشعب الفلسطيني…”(28). وأن طوفان الأقصى هو الرد الطبيعي على كل الفضائع التي ارتكبها العدو عبر عشرات السنين.
وهذا وقد رأى رئيس تحرير مجلة كل العرب الباريسية الكاتب اللبناني علي المرعي أن ” طوفان الأقصى نتيجة لا مبادرة” (29)، وأن ” إيران لن تتدخل في الصراع الدائر” …وإن استبسال المقاتلين في غزة سيؤدي إلى متغيرات ستؤثر على مستقبل الوضع في الشرق العربي بما فيها قضية فلسطين، أنها ستكون إيجابية في حال قدرة المقاتلين على المنازلة في المعارك البرية” (31).
ركز الكاتب الفلسطيني محمد اللحام خذلان القانون الدولي والمواثيق الأممية للشعب الفلسطيني عبر تسليط الضوء على وضع الصحفيين في غزة وأوضح بأنهم في سبيل التأقلم مع الواقع الجهنمي في غزة أخذوا يقللون “قدر الإمكان من شرب الماء والسوائل، والاكتفاء بوجبة واحدة تحسبا لصعوبة إيجاد مرحاض…فإذا كان هذا حال الصحفيين في غزة الذين كفل لهم القانون الدولي والمواثيق الأممية الحماية وحرية العمل، فما بالكم بحال الشعب الأعزل، الذي يتعرض للذبح أمام الشاشات…؟” (34).
كما أكد الكاتب الفلسطيني عصمت منصور عضو الأمانة العامة لاتحاد الكتاب الفلسطيني أن كيان العدو عمل على “شيطنة المقاومة ومقارنتها بداعش” (35) حتى يبدو أمام العالم بأنه في حرب على الإرهاب. وأشار منصور إلى أن “هنالك من يوفر الحماية لتنفيذ المجازر من أجل التهجير القسري”(35) في غزة، كما أن “شبح التهجير انتقل إلى الضفة الغربية” (37)، وأن كل هذا ينبع “من الرغبة في الانتقام، وردع حركة حماس وإيقاع أكبر أذى ممكن بحقها وبحق جمهورها…”(37).
وتحت عنوان (غزة اليوم عصر جديد) أشارت الدكتورة الأردنية هند أبو الشعر إلى أن طوفان الأقصى أصبح بوصلة الحدث العالمي، وأن “ما يحدث في غزة عصر جديد، يدين العالم، ويؤكد أن العدالة لا تعيش في هذا العصر، وأن غزة ستصنع من الركام عالم الغد” (40).
وتحت عنوان (أكتوبر تاريخ لا ينسى) أوضحت اللبنانية الدكتورة جمانة ديب بغدادي من جامعة الجنان إلى أن النفاق العالمي والكيل بمكيالين قد كشفته الأحداث الدائرة في غزة وتساءلت قائلة:” أين تلك الأبواق التي تنادي بحقوق الإنسان؟”(41)، وأعربت عن اعتقادها بأن “هناك اتفاق مسبق لإبادة أهل غزة” (42). كما شددت على أن ما يحدث في غزة هو “معركة الحق ومقاومة المحتل والتحرر والعودة…”(43).
أما الكاتب منذر كامل اللالا فأشار إلا أن ما يحدث في غزة قد وحد الشعب الفلسطيني بالكامل، فالكل يقف في صف المقاومة، والكل يثق بالنصر “(45). هذا الفعل الذي جرى ويجري ليس محطة عابرة، ليس سطرا في حكاية، هو بدقة متناهية، إيمان بالتحرير…”(46).
أما الكاتبة المغربية الزهرة الرميح أوضحت في مقالتها أن ما يحدث من دمار ومجازر وقتل بالجملة في غزة ما هو إلى “وصمة عار في جبين الإنسانية” (47)، وعلى الرغم من ذلك “فما قامت به المقاومة في غزة وما تقوم به حتى الآن سيغير مجرى التاريخ، وستبقى غزة رمزا للعزة والكرامة والبطولة”(50).
ومن الكويت قلعة الصمود العربي في وجه التطبيع أطلت علينا الدكتورة سعاد محمد الصباح في قصيدة نثرية تحمل عنوان ” خطوات على تراب غزة” أكدت من خلالها إن ما حدث في غزة عبارة عن مخاض لأمة كانت تنتظر ولادة جيل الأقصى:
“الطائر الذي طالما انتظرناه
بعدما كدنا نشك في قدرتنا على الإنجاب” (51)
وأن هذا الجيل الجديد الذي خرج ليدافع عن المسجد الأقصى:
“قد أنهى شيخوختنا الجسدية،
وأنهى مواسم القحط والجفاف
والتصحر في أرواحنا، وحمل إلينا رائحة
المطر..ورائحة الربيع” (52).
الكاتب الأردني إسماعيل أبو البندورة أشار إلى أن “ما يحدث في غزة هذه اللحظات الحرجة يعتبر مرحلة فاصلة في تاريخ القضية الفلسطينية”(53) فعلى الرغم من جرائم الحرب والإبادة الجماعية التي ترتكب بحق الشعب الفلسطيني في غزة إلا أن طوفان الأقصى قد أظهر للعالم أجمع “أن فئة صغيرة يمكن أن تهزم فئة باغية وكبيرة” (55).
الدكتورة نهلة جمال عضو اتحاد كتاب مصر من جامعة عين شمس رأت أن ما يحدث في غزة يعكس بالضرورة “أيدولوجيا الكراهية عند الصهاينة”(57)، فكل هذا القتل والدمار والخراب والتهجير وحرق الأخضر واليابس لا يخرج إلا عن كاره حاقد، وهذا يؤكد أيضا فكرة التمييز العنصري، و”ازدواجية المعايير عند الصهاينة”(58) فلصهويني حقوق وأما “الغوويم” أو الأغيار، فلا حقوق لهم.
القاص والروائي البحريني أحمد المؤذن أشار في مقالته التي تحمل عنوان “استراتيجيات جديدة تحت سماء غزة” إلى أن ما يحدث اليوم في غزة دليل على “تحول مسار القضية الفلسطينة” (61) من حالة الدفاع إلى حالة الهجوم لاسترداد الحق الشرعي. كما أن طوفان الأقصى قد حول دولة العدو إلى عبء على الجميع، فهاهم كل الداعمين للعدو يبدون كداعمين “لآخر بؤرة فصل عنصري في هذا العالم تتمسك بالبقاء والإجرام ومحاربة الإنسانية” (63). وفي نهاية المقالة أكد المؤذن أن التاريخ سيكتب” نصرا مؤزرا لكل لكل هؤلاء الذين وقفوا أمام غطرسة المحتل وداعميه” (64).
الكاتبة الفلسطينية فرح وليد فودة أوضحت أن الفلسطيني جرب كل أشكال الكفاح: المسلح والسلمي عبر أوسلو، ولكن العدو رواغ وسوّف فمر عقدين من الزمن دون قيام الدولة الفلسطينة المنشودة، لذلك كان لزاما على الفلسطيني أن يعود إلى خياره القديم من جديد، فجاء طوفان الأقصى، “وقفنا أخيرا أمام جدار أوسلو وبعد خمسة وسبعين عاما من النضال العسكري…نجوم كثيرة ستسطع الليلة، ستسطع حزنا وقهرا على بقايا ذكريات وقصص لم تنته” (66).
تطرق الكاتب والإعلامي الأردني محمد محمود البشتاوي إلى أن كثير مما يُنقل من غزة لا يعدوا كونه فبركات إعلامية، مثل “أكذوبة قطع رؤوس (40) طفلا إسرائيليا” (67) الذي بثته القنوات الصهيونية وكررته من خلفها وسائل الإعلام الغربية، وبيّن البشتاوي الجذور التاريخية لهذا الكذب والتلفيق، وشدد الكاتب على ضرورة التذكير والتركيز “على مجازر ما قبل قيام “إسرائيل” على يد عصابات صهيونية، اتبعت نفس السياسة التي تقوم عليها في العدوان المتواصل على غزة” (71)، فوضع الأمر في سياقه التاريخي يجعل الصورة أوضح.
الكاتب الأردني الأستاذ الدكتور علي مفلح محافظة بين في مقالته أن ما يحدث اليوم في غزة هو استكمال لمخطط بروتستانتي أنجليكاني قديم يهدف إلى تهجير اليهود إلى فلسطين “من أجل تسريع عودة المسيح إلى الأرض في فلسطين وتحويل اليهود إلى المسيحية تمهيدا لاعتناق البشرية بأسرها الديانة المسيحية، وفقا لمعتقدات هذه الطائفة الدينية”(73). وهذا لا يتم إلا بطرد الفلسطينيين من أرضهم الأمر الذي يعمل عليه العدو حاليا عبر ارتكاب المجازر للتخويف وعبر قصف المنازل وكل المنشآت الحيوية، ويقول محافظة” واضح تماما أن طرد الفلسطينيين من ديارهم هو الحل الجذري للصراع العربي-الإسرائيلي حسب وجهة النظر الأمريكية والأوروبية” (79).
الكاتبة المغربية سلمى مختار أمانة الله أكدت أن ما يحدث في غزة كشف الوجه القبيح للعالم “فمن لا يزال يؤمن ويثق بالمعاهدات والمواثيق والقوانين والمنظمات الدولية وحقوق الإنسان فهو إما مخدّر أو مبرمج أو كلاهما معا” (81). كما كشف طوفان الأقصى “صمت المؤثرين وصمت الأنظمة العربية” (82) عما يجري في غزة.
الكاتبة الفلسطينية أمل أبو عاصي اليازجي أشارت إلى أن ما يحدث في غزة يندرج تحت التواطؤ والتخاذل العالمي،”حين نرحل، مزقوا كتب التاريخ، ولا تخبروا أولادكم أنه كان هنا شعب قاوم (75) عاما دون أن يفقد الأمل، قبل أن يقتله الأمل” (85).
الكاتب الكويتي محمد ناصر العطوان أشار إلى جانب مهم مما يحدث في غزة فقال” لقد أشعلت هذه الحرب “طوفان الأقصى” جذوة أطفأتها المناهج التعليمية والسياسات التطبيعية منذ زمن”(89)، كما أظهرت هذه المعركة قوة الجيل الجديد الذي يخوض هذه المعركة، وقوة الجيل الجديد الذي يساند القضية الفلسطينية من خارج فلسطين عبر وسائل التواصل الإجتماعي والأعمال التطوعية.
الكاتب الأردني صبحي طه ذكر أن” طوفان الأقصى كشف الغطاء عن التركيبة الهشة والمأزق العميق غير المسبوق لكيان عنصري فقد أعصابه وكشر عن أنيابه” (93).
الأستاذ الدكتور سلطان المعاني وضح أن “قطاع غزة نقطة محورية في الصراع الفلسطيني مع دولة الاحتلال، حيث يعيش حوالي مليوني نسمة في منطقة لا تتجاوز مساحتها (365) كيلو متر مربعا…وهو يكابد تحت وطأة حصار اقتصادي خانق منذ عقود…غزة منطقة تشكل بؤرة للصراع الشديد والممتد لعقود”(96).
أما الكاتب الفلسطيني عيسى قراقع فتحدث عن عملية تشريحية تدور على أرض غزة، فكما تعرضت لحروب طاحنة سابقة تتعرض اليوم أيضا إلى أكبر حملة تدمير منذ الحرب العالمية الثانية، ويؤكد الكاتب أن التشريح هذا له أصول دينية توراتية، “ولا بد في هذه الحالة أن نقرأ وصايا الرب اليهودي المحارب في العهد القديم وهو يقول:( هكذا يقول رب الجنود الآن اذهب واضرب عماليق، واحرموا كل ما له ولا تعفوا عنهم، بل اقتل رجلا وامرأة وطفلا ورضيعا، بقرا وغنما، جملا وحمارا)” (103)
الكاتب الأردني كمال ميرزا أكد أن الإبادة التي تجري في غزة لها أهداف شتى:” من باب الإنتقام والتنكيل…من باب إعادة بث الخوف والرعب…بهدف استعادة الثقة ورباطة الجأش…من باب القضاء على…الحاضنة الشعبية للمقاومة. أما التهجير فهو من أجل سلب المقاومة حاضنتها…وتمهيد لتصفية القضية الفلسطينية” (105).
الكاتبة الأردنية جميلة عمايرة رأت أن غزة اليوم أثبتت للعالم بأنها الأقوى والأقدر على الصمود،”غزة التي ظهر الجميع أمام وجهها الجميل، أمام صمودها وثباتها ودمها النازف…عراة يستجدون العالم…يتوسلون برجاء وقف آلة القتل الصهيونية بلا جدوى”(109)، دول هزمت في ستة أيام أو كثر قليلا، واليوم يمر على الحرب ما يقارب الـ (100) يوم وغزة لا تزال تقاوم!
الكاتب الأردني مروان العلان أوضح أن العامل الإقتصادي هو الذي أفرز قوى الاستعمار، وبعد الاستعمار ظهر اللاعبون الكبار أصحاب المصالح الكبرى والمتصارعة، و”تحاول إيران أن تنضم إلى أصحاب المصالح الكبرى، وكذلك تركيا، وقد أريد لإسرائيل أن تكون كذلك”. يري الكاتب أن ما يحدث في غزة لا يعدو كونه صراع بالوكالة بين إيران والولايات المتحدة، وأن ” الشعب الفلسطيني يدفع ثمنا غاليا جدا في هذه المعركة…”(113).
هذا ويرى الكاتب الأريتيري هاشم محمود أن ما يجري اليوم في غزة هو حلقة جديدة في مسلسل محاولات كسر الحصار المفروض على غزة منذ عام (2008)، و”جرت محاولات متكررة لكسر الحصار عن طريق إرسال سفن محملة بالمساعدات الإنسانية، لكن إسرائيل منعتها وفي (2010) تعرض أسطول الحرية لهجوم إسرائيلي” (118).
الكاتب المصري الدكتور سمير مُندي سلط الضوء على حقيقة أن ما يحدث في غزة أبرز للعالم النفاق الغربي و”ازدواجية المعايير الغربية التي فضحتها ردود الأفعال المتبانية تجاه الحروب والأزمات شرقا وغربا” (120)، كما أظهر طوفان الأقصى “أن معاهدات السلام التي أبرمتها إسرائيل تحت عنوان اتفاقيات أبراهام لا يمكن أن تحقق أي سلام حقيقي ما لم تتضمن تسوية منصفة للحق الفلسطيني”(121).
الكاتب الليبي الدكتور علي أبو قرين أكد أن ما يحدث في غزة ما هو إلا مواصلة لاعتداءات سابقة بدأت بوعد بلفور واحتلال الأراضي الفلسطينية عامي 1948، و 1967، و” التوسع الاستيطاني في الضفة والقدس، والحصار المطبق على غزة منذ عقدين، ويتزامن مع جرائم المستوطنين اليهود المسلحين ضد السكان المدنيين الفلسطينيين…” (123). كما أكد أبو قرين على أن غزة كشفت من جديد” النفاق والخداع وازدواجية المعايير وانعدام الانسانية…”(125).
الكاتبة المصرية الدكتورة شيرين العدوي أكدت أن الطلاق الحضاري بين العرب والغرب يعود إلى ” ثقافة الدم الذي يمتلكها الغرب عبر وكيله”الإسرائيلي” والتي لا يعرف غيرها في الحوار مع العرب”(127)، وهذا ما يظهر بكل جلاء في غزة اليوم.
الدكتور محمد أقضاض أصرّ على أن ما يحدث في غزة اليوم ما هو إلا” الحرب العالمية الثالثة التي أعلنتها إسرائيل بمشاركة قادة الدول الغربية، على رأسها الولايات المتحدة”(131). أما أهداف هذه الحرب فتتمثل “باستئصال المقاومة، وتكريس هيمنته على كل الأراضي الفلسطينية، بتهجير ما تبقى من سكانها نحو سيناء المصرية، ثم سكان الضفة الغربية نحو الأردن”(132). ويختم أقضاض مقالته بالإشارة إلى أن ما يحدث في غزة “هو بداية نهاية أسطورة الصهاينة…”(135).
الروائي والناقد الجزائري علي فضيل العربي أشار إلى أن ما يجري في غزة أظهر أكاذيب الصهاينة وخصوص أكذوبة الدفاع عن النفس، وازدواجية المعايير الغربية، واحتقار الصهاينة للقرارات الأممية، ” يصم الكيان سمعه عن القرارات الأممية كلها، والنداءات الإنسانية جلها لوقف محرقته النازية والفاشية…”(138).
الدكتورة جميلة الوطني عضو أسرة الأدباء والكتاب البحرينية سلطت الضوء على نضال الفلسطينيين عبر التاريخ، وأكدت أن هذه هي المرة الأولى التي يهاجم فيها الفلسطينيون من أرضهم العدو المغتصب في عقره كيانه،” ساهم المقاتلون من خارج فلسطين في تحريرها وفي هذه المرة الثالثة تساهم مدينة غزة بأكملها برجالها ونسائها وأطفالها…”(145). كما انتقدت الوطني ” فداحة موقف الحكومات العربية وخاصة تلك الحكومات المطبعة مع إسرائيل”(145).
الكاتبة البحرينية فوزية رشيد أوضحت أن المعركة في غزة أظهرت للعيان “التطرف الإسرائلي وهمجيتهم” (147)، و”صمت العالم عما يدور في غزة” (148) وهذا يؤكد على النفاق وازدواجية المعايير العالمية التي لم يحركها الإبادة الجماعية، والدمار، والتجويع والتعطيش، ووقطع الكهرباء والماء، والنت، والتهجير الذي يتعرض له الشعب الفلسطيني في غزة.
هكذا طرح الناقدان سليم النجار ووداد أبو شنب سؤالا عن ذلك الذي يحدث في غزة وكانت الأجابات متنوعة ترواح بين: الإبادة الجماعية، والتهجير، واحتلال غزة والضفة من جديد، وإنهاء القضية الفلسطينية، والانتقام، واستعادة هيبة كيان، العدو، وبداية تحرير فلسطين، ونهاية الحلم الصهيوني، وأجوبة أخرى تعرفنا عليها في هذه المقالة. يبقى أن نقول إن ما يحدث في غزة يحدث في نفس كل إنسان حر، ويحدث في كل مكان على هذا الكوكب المنكوب، فغزة اليوم تغير وجه العالم. العالم قبل الطوفان ليس هو بعده؛ أما الزبد فيذهب جفاء، وأما ما ينفع الناس فيمكث في الأرض، وما الله بغافل عما يفعل الظالمون.