موعد طال انتظاره/ بقلم:راما الرفاعي ( سوريا )

مضى وقت طويل على آخر لقاء،، لقد كان موعدًا غراميًّا تلاقت به روحانا قبل جسدينا.. لأن الروح وقتها شعرت بالعذوبة والدفء..
أستطيع تذكّر ملامحك جيدا ذلك اليوم،، وكأنني أستحضر آخر لحظاتي في الجنّة قبل المجيء إلى هذا العالم الضبابي..
لقد كانت نظرة عينيك لي تنطقان بالحب وكأنها تقول لي أرجوكِ ابقِ معي الليلة إني في حاجتك حبيبتي..
كان شعوري بالأمان يسيطر عليَّ عبر تلك اللحظات التي كنت تنظر لي خلالها وأنت توقن أننا لن نكون لبعضنا في هذه المساحة المظلمة من العالم، لكنك كنت تحب عيش اللحظة وتريد أن نستمتع بها سوية دون أن يعكر صفو لحظتنا هذه سؤال،، وماذا بعد!؟
ولسان حالك يقول هذه المرأة تجذبني كما تجذب النجوم العيون الحالمة،، ولا أستطيع التحكم بمشاعري أمامها مهما حاولت إنكار ذلك!!
لا أنت ولا أنا كان بإمكاننا فهم هذا الحب والإنسجام الذي شعرناه داخلنا، لكننا أدركناه بحواسنا فالروح والمشاعر لا تكذبان.. وكأن الله خلقنا خارج هذا الكون فتعارفنا وتآلفنا حتى وصلنا إلى هناك رجل وامرأة كلٌّ من عالم لا يشبه الآخر وشاء القدر أن نلتقي في هذا المكان الذي لا يعرف الحب ولا يعترف به أصلا.. هكذا بأمر من الإله وترتيب القدر جمع قلبينا أجمل قصة حب وأنقاها..
كان شعورا نقيًّا كمشاعر الأطفال عندما يفرحون بالعيد، شوقي لك كان مثل شوقهم لارتداء ملابسهم الجديدة وتناولهم كعك العيد وعدِّ ما جمعوا من عيديّات..
أنعود للموعد
نعود
طاولة كرسيّان أضواء خافتة وشموع
ورد جوري أحمر يتوسّط طاولة عليها غطاء مطرّز بخيط ذهبيّ اللون.. كأس لي وكأس لك
زجاجة مشروبك المفضل الذي اخترتَه لنا لهذه الليلة..
جلسنا وجلس الحبُّ مقابلنا ينظر إلينا بشغف ويقول الآن أنا أتممتُ مهمّتي وجمعت بين أجمل قلبين خُلقا لبعضهما..
لقد اعتمدّت لإطلالتي لموعدنا تسريحة شعر ناعمة وجعلتُ شعري ينساب على كَتفي مثل شلالات فيكتوريا تماما، كان فستاني مُخمليّا أحمر اللون وقصير صدره مفتوح ومطرّزا بالاسود على شكل إكليل وأكمامه من الشيفون الأسود وكان حذائي أسودا كعبه عالي ورفيع.. أعلم أنه لونك المفضل حدسي من أخبرني هذا، أما عن عطري لن أفصح لك عن اسمه، أخاف أن تشتريه لأنثى غيري وتشمّه عليها حين تشتاقني..
أما أنت فكنت فارسي الجميل عندما حضرت شعرت أن العالم كلّه صار ملكا لي.. في مشيتك هيبة وفي حضورك عالم من الجاذبية، في شيبتك التي كانت تتخلل لحيتك ألف قصة وقصة جذبتني إليك.. كنتَ ترتدي سترتك الرمادية قميصًا أبيضا لفحةً صوفية حمراء وبنطالك الجينز الأزرق.. كانت رائحة عطرك تحكي ليالي الشوق..
عندما رأيتني قادمة قُمت وسلّمت عليّ باسلوب جذاب ورومنسي وأزحت لي كرسيي لأجلس قُبالتك..
لقد تأخرتِ ضحكت قليلا وقلت أوه نسيت إنها عادتك
نعم عادتي، كُنت أودُّ إخبارك أنني تأخرت قصدًا فقد كُنت مستمتعةً وأنا استرق النظر إليك وأنت تنظر للساعة وتتلفت في أرجاء المكان في انتظاري.. لقد تقصّدت فعل هذا لأرى لهفتك علي التي أخفيتَها عني لسنوات.. وددت لو أخبرك أنني ما تأخرت لنصف ساعة كما ظننت بل تأخرت عمرًا عنك.. فموعدنا كان قد كُتب لنا مذ ولدنا يا حبيبي، لكن التأخير لم يكن في يدي بل كان بمشيئة القدر..
تبدين جميلة، أيضًا كعادتك وتضحك
وجهك ساحر عندما تضحك
فستانك رائع، جميعُ تفاصيلك تسحرني..
هكذا قلت وقد أذهلتني لأنها المرة الأولى التي أراك فيها تفصح عما في قلبك بهذه الطريقة المباشرة..
لقد اشتقتُ إليكِ، قُلتها وهربت بعيونك لعازف الكمان الذي كان يقف منتظرًا إشارة منك ليبدأ العزف
وعزف لنا معزوفةً كنت قد نسيتُ اسمها ولكنني شعرت أن روحي ترقص مع هذه الألحان وكأنني كُنت قد رقصت عليها من قبل معك في مكان ما بعيدٍ عن هذا العالم.. امسكت بيدي وقلت أتسمحين لي بهذه الرقصة سيدتي
على الرحب والسعة، وكانت ابتسامتي تسبقني بالقبول..
ورقصنا على أنغام صوت الكمان في مكان تُنيره الشموع تزيّنه الورود الحمراء والثريّات الكريستاليّة..
ساعة أو نصف ساعة من الرقص لم أشعر بالوقت ولم أدركه، كان الجو منفصلا عن العالم، دفء وجمال رقصة و و كلمة أحبك التي همست لي فيها ونحن نرقص،، جعلتني أطير أحلّق نحو سابع سماء.. كاد قلبي يقفز من مكانه ليس فرحًا بل شعورًا بأنني كُنت أعلم ولكنني انتظرتك طويلا لتقولها.. وبادلتك بقولي وأنا أنا أحبك..
كان قلبي يقول ليس فقط أحبك بل أنا أعشقك بجنون ولكن كبريائي منعني من الإفصاح الحقيقي لك بشعوري فقد حاولتُ أن أعيش اللحظة بحرفيّة والتحكّم بردّات فعلي، لقد خشيت أن أبدو أمامك امرأة مجنونة وأفسد لقائنا بحركاتي العفوية وكلماتي الغير مدروسة..
وانتهت المعزوفة بأجمل قُبلة طبعتها على شفتي لقد أحسست بصدقها وحرارتها، وبدونا كأجمل عاشقَين أخذا نصيبهما في هذه الرقصة من الجنة ..
وعدنا لطاولتنا وأشرت للنادل أن يُحضر قطع الثلج لمشروبنا، وأشعلت سيجارتك وبدأت تتأملني،، وجنتاك حمراوتان، تبدين جميلة جدًّا هذه الليلة هكذا قلت وعيناك تلمعان فرحًا وسعادة..
ارتبكت كثيرًا كطفلة لأول مرة في حياتها تسمع كلمة جميلة، لم أكن أعرف كيف أرد، أخذت رشفةً من الكأس وقُلت لك طعمه لاذع ولذيذ..
توقعت أنك ستحبينه، إنه يشبهك،،
يشبهني!؟ نعم هذا النوع من المشروب تحديدا كلّما تعتّق كلما صار ألذ،، إنه يبعث الدفء في العروق إنه يفعل بنا كما فعلت أنتِ بي قُلتَها وضحكت، لا أعرف أضحكت على نفسك أم ضحكت مني..
لم يكن لي خيار إلا أن أصغي إليك بروحي بحواسي علّني أستطيع أخذ هذه اللحظات معي لآخر العمر..

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!