قد طالَ عيشي في الحياةِ ودهرِها
حَـتـى حَـســدّتُ مِـيـتـةَ الأقـزامِ
.
إني سَئمتُ العيشَ رُغمَ طفولتي
وكرهِـتُ عيشـي في لظـى الآلآمِ
عِشـرونَ عامًا في العذابِ كأنهـا
عـنــدَ الكـلـيـمِ بِــوابـل الأعـوامِ
ما زلِـتُ غضـاً في الحياة وإنمـا
لي روح شاخت من ضنى آلآمي
وأرى الـمـنـيـةَ تـتـقـي طُـلابـهــا
ويمـوتُ جَمـعُ الطامعينَ أمامي
لا تحسبني الشيـخ في سبـعينهـا
إنّي فتى العشريـن في أعـوامي
لـكـنَّ قـلـبي شـاخَ قـبـلَ أوانــهِ
وتـبـاطـأت سـاعـاتـهـا أيـامـي
إنَّ الدقيقـةَ بالتعـاسـةِ تنقـضي
كـألــفِ يـــومٍ مَـــرَّ بالإنــعـــامِ
حتى كأني عِـشـتُ قـرنـاً كـامـلاً
مِـن جـورِ حُـزنٍ ضَـجّ بالصـمـامِ
وَالْوَقْتُ يَمْضِي فِي سُرُورٍ مُسْرِعاً
وَالْوَقْـتُ يُـثْـقُـلُ سَـاعَـةَ الْإِعْـدَامِ
وأرى المنيـة راحـةَ القلـب الـذي
قد ماتَ عشراً في الجحيم الدامي
قـالـوا وما يُدريـكَ قُلـتُ ألا تَـروَا
أنّـي لأهـنـئُ حَـيـثُ حَـلَّ مـنـامـي
أنا شاعـر الأحـزان ما بين الورى
لولا التعاسـة ما مُنحِـتُ مقـامي
وبَكيـتُ يومـاً فارتـوى من دمعنـا
سِــربٌ مِـنَ الأطــيـارِ والأنـعــامِ
خارت قُوَايَ اليوم رَغـمَ نضارتي
مَن ذا يُلاحظُ حَسرتي وحُطامي
في داخـلي بـركـانِ جَـمـرٍ ثــائـرٌ
يطغى فيحرق مهجتي وعظامي
وبخـارجي أبـدو سعيـدًا مُشرقٌ
وبِبـاطنـي نَـزُغٌ مِـنَ الأسـقـامِ
كَالْبَـحْـرِ يَـبْـدُو لِلْمَطَـالِـعِ سَاحِـراً
وبـعـمـقــهِ حِـمـمٌ وموجُ ظَــلامِ
والشـمـسُ تـبـدو للـوفـودِ بـهيـةً
وبـقـعـرِهـا شُـعـلٌ مِـن الأضـرامِ
وسكتُ دهراً حتى خـارت قوتي
ونطقتُ يومـًا بعدَ طُول صيامي
وشكوتُ لكن لا مُجيبَ لِشكـوتي
وحكيـتُ ما مـن سـامـعٍ لكـلامي
يا مُـبصـراً بـالـخَـدِ غَـيـمَّ كـآبـتـي
وجـليـل حـزنـي ،طلـتي، وهيـامي
لسـتُ مُحبـاً هـامَ من كُثر الجـوَى
إنّـي قـتـيـلُ الـحُــلـمِ والأســقــامِ
رمـاني زمـان الويل أرمـاح البلى
وأصـابنـي في حـلـمـيَّ الـحـوّامِ
ومـاتَ قلبـي والطُـمـوح وهِـمتـي
وأغُـتِيـلَ حِلمـي في حـدودِ سهـامِ
يا لآئـمـاً مُـرمـىً بـنـزفِ جِـراحِـهِ
يكـفـيك لومـاً … ولـتـلـوم الـرامي
وخـاب ظـني في الزمـان وأهـلـهِ
حـتـى جـفـوني الأهـلُ والأرحـامِ
وأصـابنـي زَمـنـي بـدونِ صـوارمٍ
وأهــانـنـي دهــري بِـغـيـرِ كـــلامِ
وطمحت حتى اعتل جسمي باكراً
وهَممـتُ حتى تِـهـتُ في أوهـامي
وكـم أمــانٍ قـد حـلـمـتُ بنـيلـهـا
لـكـنَّ دهـري مُـفـسِــدُ الأحــلامِ
وطَمِعتُ في عيشِ الهناءِ وموقعاً
عــالٍ عـلـوّ الـنّـجــمِ والأعــلامِ
وَنـسـيّـتُ أنّ الحـظَّ كـانَ مُـقـدّراً
ومُـسطـرٌ قَـد خُــطَّ في الأرحـامِ
فالقلبُ يـطمحُ والعقـولُ تُخطـطُ
نُحصِي فـتضحـكُ حِبـرةُ الأقـلامِ
ومن تـمـادئ اليوم في أحـلامـهِ
هـوَّى غَـريقـاً في السَرابٍ الطَامي
والحـلم ضُـرٌّ إن طـغـى مُـتمـاديـاً
على عُــقـولِ الـقَــوم والأجـسـامِ
والهـمُّ يصغُـر في الصغيرِ طموحـهُ
ويزيـدُ كُثـرًا في الطمـوح النـامي
إن كنـتُ ذو همـمٍ فلسـتَ بهـانئٍ
فـي عـيـشــةٍ تــخـلــو مـن الآلآمِ
ولذا نـرى السـعـداءُ في أحياءنـا
أَهْــلُ الْـغَـبَــاوَةِ تَــافِــهُ الْأَحْــلَامِ