كتاب:( رائد حركة التنوير في اليمن) الراحل المحامي محمد علي لقمان) للأستاذ د. أحمد علي الهمدان

كتب: كمال محمود علي اليماني

التقيت _ مصادفة_ أستاذ الأجيال أ. د أحمد علي الهمداني ، وكان من ثمرة هذا اللقاء الخاطف أن أهداني نسخة من كتابه ( رائد حركة التنوير في اليمن.. الراحل المحامي محمد علي لقمان ) ، وهو كتاب ضم بين دفتيه الأعمال النثرية – غير الصحافية – الكاملة لهذا العلم التنويري ، وقد صدرت طبعته الأولى في عام 2016م ، ولست أدري إن كانت طبعة ثانية له قد صدرت أم لا.
الكتاب يتألف من جزئين ، أما الجزء الأول فقد حوى دراسة ضافية ومستفيضة للأستاذ د. أحمد علي الهمداني استعرض فيها أفكار المحامي محمد علي لقمان ، وأسلوبه في الكتابة ، ولغته الأنيقة الجذابة التي تبتعد تماما عن التقعر ، حسب وصف أستاذنا لها . ويصفه في دراسته تلك بأنه كان يمتلك رؤية سياسية –اجتماعية- تاريخية واضحة ومحددة، ويعدد نشاطاته الإبداعية الثقافية – الأدبية ، لاسيما تلك التي تجلت في مشاركاته في نادي الأدب العربي 1925م ، نوادي الإصلاح العربية الإسلامية منذ1929م ، مخيم أبي الطيب المتنبي منذ1939م ، وقد بلغت ذروتها في إنشاء صحيفة فتاة الجزيرة عام 1940م.
ويقدم لنا أ. د. أحمد علي الهمداني صورة ملخصة عن جهاد لقمان الذي يحلو له أن يصفه بالجهاد المقدس ، ويضعه أمام أعيننا في مراحل ثلاث ، تبدأ المرحلة الأولى من حياته في منزل أبيه وأمه ، ودراسته في مدارس عدن ، ورحلته إلى بلاد الصومال ، ودراسته الحقوق والقانون في الهند حتى إصداره صحيفة فتاة الجزيرة عام 1940م، وهي الفترة الممتدة من 1898م إلى 1940م. تليها المرحلة الثانية التي تبدأ من ظهور فتاة الجزيرة1940م ، وتنتهي بقيام الجمعية العدنية 1949م ، تتبعها المرحلة الثالثة التي تبدأ مع قيام الجمعية العدنية 1949م ، وتنتهي مع رحيله إلى العالم الآخر في الأراضي المقدسة عام 1966م.
ومن المواقف السياسية المحلية والقومية التي وقفها لقمان في وجه الاستعمار البريطاني يذكر أ.د الهمداني في دراسته تبنيه لحركة الأحرار ومساعدتهم في النضال ضد بيت حميد الدين، وبحثهم لإيجاد دولة دستورية تقوم على النظام والقانون. وكذا دعمه لقيام الجمهورية اليمنية ، وثورة 26 سبتمبر 1962م ، ومساندته ( جبهة تحرير الجنوب اليمني المحتل ) بالقول والفعل.
ويصل أ.د الهمداني إلى خلاصة مؤداها أن المحامي لقمان رائد حركة التنوير في اليمن.
وأنه لم يكن رائداً أدبياً وفكرياً فحسب ، بل ورائداً وطنياً وسياسياً في صورة من الصور وفي معنى من المعاني.
وبالرجوع إلى الكتاب ( الأعمال الكاملة) نجد أن أ. د أحمد علي الهمداني ، وبدعم مادي من الأستاذ المهندس ماهر محمد علي لقمان ، قد أعاد لقمان المحامي إلى الحياة بعد أن طمرته رمال النسيان ، وبعد أن لاحقه عناء الإهمال الذي حاصر الجميع في وقت ما ، وفي مكان ما، حد تعبير أ.د الهمداني. وهو جهد حثيث ستشكره له الأجيال التي لم تعش مراحل حياة المحامي لقمان ، ولم تقرأ له كتاباته ، ولم تتعرف إلى دوره وأشكال جهاده على الساحات المتعدد الفكرية والأدبية والدينية والتاريخية والسياسية.
بعد تلك الدراسة المستفيضة التي قدمها أ.د الهمداني يعرج بنا إلى مبحث بعنوان ( فتاة الجزيرة في عيون معاصريها ) ، ولقد حوى المبحث مقالات وقصائد تشيد بالصحيفة وبصاحبها ، ثم ينتقل بنا إلى الحديث عن لقمان الرحالة في مبحث آخر ، حيث كانت للقمان رحلتان : واحدة خارجية إلى بلاد الصومال والحبشة ، وأخرى داخلية إلى بلاد مكيراس والظاهر. أعقبه مبحث آخر تطرق فيه إلى حديث عن ندوة أقامتها جامعة عدن تتعلق بالمحامي محمد علي لقمان وأعماله ، وكانت ندوة ذات صفة رسمية وأكاديمية ، وهدفت إلى إحياء تراث شخصية يمنية – عربية- إسلامية تنويرية أدت دورها التنويري قولاً وعملاً.
بعد ذلك عمد أ.د الهمداني إلى مبحث آخر درس فيه الافتتاحيات اللقمانية في صحيفة ( فناة الجزيرة ) ، والتي عدها واحدة من المحطات المهمة والأساسية في تجربة لقمان ، كما تناول بعدئذ كتابه ( رجال وشؤون وذكريات ) ، وهي مذكرات كتبها المحامي لقمان باللغة الإنجليزية ونشرها في صحيفته الناطقة باللغة الإنجليزية ( Aden chronicle)
، وأورد بعد هذا مبحثاً بعنوا ن ( عدن والعدنيون في كتابات لقمان وكفاحه) ورأى أن لقمان قد جعلهما قضية حياته ، غير أنه لم ينحصر فيهما ، بل تجاوز نضاله الحدود ، وتخطى السدود إلى الواقع القومي وإلى المجال الإسلامي والإنساني ، ولقد استعرض أشكال الكفاح الإسلامي – القومي في كتابات لقمان خلال تناوله للأمر في مبحث حمل ذات العنوان.
وشفع أ.د الهمداني دراسته المستفيضة تلك بمدخل إلى سيرة هذا المناضل الرائد في مبحث تحت عنوان : المدخل إلى السيرة / لقمان حقائق وأرقام، وهو المبحث الذي لخص فيه أهم المحطات في حياته منذ ولادته وحتى رحيله عن دنيانا في 26/ مارس/ 1966م.
وجاء الجزء الثاني من الكتاب حاملاً في طياته الأعمال الكاملة للرائد التنويري المحامي محمد علي لقمان ، وتمثلت في كتبه الاجتماعية والسياسية:
1- بماذا تقدم الغربيون 1932م
2- الشعب البريطاني- تاريخه وأخلاقه 1940م
3- قصة الدستور اللحجي 1952م
4- عدن تطلب الحكم الذاتي 1954
5- قصة الثور اليمنية 1962م

الكتابات السردية .. روايتي:
1- سعيد 1939م
2- كملاديفي أو آلام شعب وآماله 1947م

من أدب الرحلات:
1-جولة في بلاد الصومال والحبشة 1934م
2- في أرض الظاهر1954م

واختـُتِم الكتاب بالتعريف بالأستاذ د. أحمد علي الهمداني في سطور باللغتين العربية والإنجليزية ، وكان تعريفا ضافيا شمل سيرة حياته ، وانجازاته التعليمية والأكاديمية ، ومؤلفاته وترجماته المتعددة.
الكتاب قيم جدا من حيث محتوياته من الأعمال الكاملة للمحامي محمد علي لقمان ، ومن حيث الدراسة التي حواها الجزء الأول من الكتاب والتي أخذت حيزاً وصل إلى 370 صفحة ،والتي تبدى فيها بشكل لافت كم الجهد الذي بذله أ.د الهمداني في دراسة كتب المحامي لقمان لاستخلاص أرائه وأفكاره ورؤاه ، وأحسب أنها دراسة لاغنى عنها كمدخل مساعد للولوج إلى كتابات لقمان وفهم عطاءاته ، و لكل من أراد التعرف إلى لقمان وريادته التنويرية ونضاله الدؤوب والمثابر على كافة الأصعدة السياسية والثقافية والدينية والتاريخية.

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!