سينما “شومان” تعرض الفيلم الأميركي ” الملعونون” غدا

 عمان _ آفاق حرة

تعرض لجنة السينما في مؤسسة عبد الحميد شومان يوم غد الثلاثاء الساعة السادسة والنصف مساء فيلم “الملعونون” للمخرج الإيطالي روبرتو مينيرفيني، وذلك في مقر المؤسسة بجبل عمان. يقدم الفيلم رؤية قاتمة لكنها فريدة عن الحرب الأهليّة الأميركيّة بين الاتحاديين والكونفدراليين، متّخذًا من عام 1862 نقطة انطلاق لسرد قصّة رحلة مجموعة من الجنود الاتّحاديّين المتطوّعين في الأراضي البرّيّة الخالية الّتي ستصبح لاحقاً ولاية مونتانا. يتتبّع الفيلم معاناة هذه المجموعة، وما يتعرّضون له من ويلات ويستكشف دوافعهم وأثر الحرب فيهم. تدور أحداث الفيلم في عام 1862، حيث يتم إرسال وحدة تطوعية من الجيش الأميركي لاستكشاف منطقة غير محددة في الغرب الأميركي. وهم مجموعة متنوعة من جميع مناحي الحياة، وهناك شيء مشترك بينهم جميعًا وهو أنهم نادرًا ما أطلقوا النار سابقا من بندقية، ناهيك عن قتل شخص ما. لفترة طويلة كان العدو الذي يتعين عليهم محاربته هو الملل، إذ تتمتع البراري الأميركية بجمال معين، ولكن مناخها القاسي قد يكون أيضًا لا يرحم، خاصة عندما لا ترى شخصًا لأيام. لا يمكن لألعاب الورق والقهوة السيئة أن توصلك إلى أبعد من ذلك، لذلك يتحدث الرجال في الغالب فيما بينهم لقضاء الوقت. بعد تبادل إطلاق النار، وبينما يندبون القتلى ويعتنون بالجرحى بأفضل ما يمكنهم، تواجههم أهوال الحرب. يحاول أحدهم غسل دماء رفيقه التي سقطت من قميصه في مجرى بارد، والدموع تنهمر على وجهه، وهو تذكير مروع بأن الحرب لا تتعلق بالأبطال في ساحة المعركة؛ الحرب هي الموت. ومع اضطرار الوحدة إلى التفكك، فإن عبث المضي قدمًا يثقل كاهلهم. يقول جندي شاب أراد القتال إلى جانب والده وشقيقه: “لا أعرف حتى لماذا أنا هنا بعد الآن”. ومع ذلك، يجد نفسه هنا، على جبل مع غرباء، غارقًا في الثلج حتى كاحليه. فيلم مينرفيني يدور حول معركة الإنسان مع نفسه وضميره بقدر ما يدور حول الحرب الفعلية، وتظهر وحشية القتال جنبًا إلى جنب مع وحشية محاولة التوفيق بين حقيقة مفادها أن الحرب تحول الجميع إلى الأسوأ. لم يذكر الفيلم أسماء أي من الجنود، وكأن الفيلم لا يهدف إلى منحهم هوية كبيرة؛ ولم يُمنح أعداؤهم حتى وجوهًا. كل هذا يؤكد أن الحروب يخوضها أشخاص مجهولون ومنسيون.. خلال هذه الحكاية يستشكف الفيلم الانقسامات المجتمعيّة في الولايات المتحدة، قديمًا وحديثًا، والذاكرة التاريخيّة وتأثيرها على الهويّة الثقافيّة، وقضايا ما زالت معاصرة مثل الذكورية الوحشية والصراعات الدينية، في جوٍّ يشي بعبثيّة الحرب وتأثيرها المدمّر على النفس البشرية. يمثل فيلم “الملعونون” (I dannati) نقطة تحوّل في مسيرة المخرج الإيطالي الأصل روبرتو مينيرفيني، إذ هو انتقالته الأولى من الأفلام الوثائقية إلى السينما الروائية، وهو يحمل الكثير من خبرة المخرج الوثائقية إلى عالم السرد الروائي. يأتي هذا التحول بعد مسيرة حافلة لمينيرفيني في مجال الأفلام الوثائقية. اشتهر المخرج بأعماله المتميزة في استكشاف المجتمع الأميركي، ويتميز أسلوبه بالواقع وطبيعته المعتمدة على الرواة الحقيقيين وقصصهم الشخصية. هذا الأسلوب نفسه ينعكس بوضوح في فيلمه “الملعونون” رغم كونه عملاً روائياً. أسلوب مينيرفيني في هذا الفيلم تميز بجرأة إخراجيّة لافتة للنظر. فقد اختار تصوير الفيلم دون نصّ، معتمدًا أسلوبًا يشبه المسرح الارتجالي في بناء القصّة، وقد التزم التسلسل الزمنيّ في التصوير، ما منح الممثّلين فرصة تطوير الشخصيّات تراكميًّا. وقد عاش طاقم التمثيل في معسكر خاصّ خلال فترة التصوير، ما أضفى واقعيّة استثنائيّة على أداء الممثّلين وعمق تجسيدهم لمعاناة جنود الحرب الأهليّة. وعلى الرغم من أن احداث الفيلم تجري في مواقع فسيحة وسط الطبيعة، إلا أن المخرج يركز على اللقطات والمتوسطة والقريبة لممثليه.

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!