كان يعتقد أنه إنسان، له يدان ووجه وابتسامة تشبه ابتسامات البشر في الصور العائلية القديمة.
لكنه في الحقيقة… كان كتابًا.
لا أحد قرأه بعد.
لم يجرؤ أحد على فتح غلافه المتهالك، ولا على لمس صفحاته التي كتبتها الحياة بالحبر السري والخدوش.
كلما اقترب أحد من غلافه، اختل توازنه… تساقطت منه فصول منسية واهتز العنوان فوق صدره.
كان يخاف أن يُقرأ، ويشتاق أن يُفهم.
كل حرف فيه كان يصرخ “أنا هنا”، لكن بصمت.
لم يكن يعاني من الوحدة، بل من التجاهل المتقن، وكأن وجوده مكمّل للديكور البشري.
وفي يومٍ ماطر، فتحت طفلةٌ في السادسة دفترها على مقعد حديقة،
لمسته بعفوية،
وقالت له:
“أنت تشبه كتابي الجديد… لكنه يبدو حزينًا أكثر.”
ضحك لأول مرة.
لم يكن ضحكًا، بل صوت الورق حين يتحرك بعد صمت طويل.