ينغمسُ الظّلّ رافعًا راية الإحتواء.
يذوب التّظليل في ظلّه
ينعرجُ الصَدى في بحثه عن مأوى مؤونته.
يظلّل الظّلُّ من زاوية اللّاريح مُكتفيًا بحضور الصّوت في جوهر المونولوج بينهما.
هدى عز الدّين تطرح ملامح منظومة الظّلّ وتظليله بدفء يخترق عجرفة المسافة بين فعل الصّوت في وديان الصّدى لاستقبال المُتلقّي لروائحَ منبعثة من عملية حرق الخشب في خلايا الذّات ،متحاورةً باستنطاق بذور اللوغوس الضّامن لسيرورة التّأمّلات الباحثة عن ممرات تؤدي إلى وحدة السّيميائيات المكنوزة على امتداد المشهد الجمالي. حيث
يستعد التّظليل للظّفر بدفء العناق المنتظر
عبر انحناءات الرّيح لزخّاتِ المطر، والصّدى للصوت،
وقد تتأهّب ساحرة المعبد لكتابة مذكّراتها على شرفة العودة، تعلّمنا الأشجار لغة عشّاق الجبال.
لنطرق أبواب القصيدة بدفء العناق، وإصرار دافنشي على بثّ السّكون المبتسم في ملامح الموناليزا.
الشَّعر مخلوق غريب، لا يمنح حقّ اللّجوء إلّا لأصحاب الأنفُس العميقة في مناظرة جمال العالم.
الكيمياء حاضرة هنا رغم البُعد وصرامة رؤى من هم يغمضون أنظارهم ،يمنحون المدى للبصيرة. ظلّ إيروس
للشّاعرة المصريّة هدى عزالدين نموذجًا.
ما لنقرأ النّصّ معًا
ظلّ إيروس
هَلْ مِنِ احْتِرَاقٍ جَدِيدٍ؟
قُلْتُهَا بَعْدَ أَنْ نَالَ مِنْ ثَغْرِي،
وَهُوَ عَلَى أَعْتَابِ الْقَوْلِ،
كَبِئْرِ يُوسُفَ،
يُطْفِئُ نَارَ هَيْبَتِي.
أَرَادَنِي أَنْ أَلْعَبَ دَوْرَ أُنْثَى عَاشِقَةٍ عَصْرِيَّة،
تَخْرُجُ مِنْ ظِلِّ فِينُوس،
وَأَنَا عَلَى مَسْرَحِ الْحِرْمَانِ
أَسْرِقُ جَمِيعَ أَنْوَاعِ النِّسَاءِ:
هذِهِ أُنْثَى بِطَعْمِ التِّينِ،
وَتِلْكَ طِفْلَةٌ فِي ثَوْبِ الْبَرَاءَةِ،
وَأَنْتَ هُنَا،
فَوْقَ خَاصِرَةِ الِاشْتِيَاقِ،
تُدَاعِبُ شَفَتَيَّ.
رَجُلٌ أَبَاحَ لِلرِّيحِ سُفُنَ رَغْبَتِهِ،
ظِلٌّ يُشْبِهُ إِيرُوس،
يَتَخَفَّى بِرِقَّةٍ
فِي مَمَرَّاتِ الْحُبِّ،
ثُمَّ يَضِيعُ…
كَمَا يَضِيعُ النُّورُ
فِي حُلْمِ المرآة
هدى عزالدين.
لنذهب إلى بيداء النّصّ كي
نظفر بعمق السّكينة في الزّمن القرائيّ يفترض علينا
رسم المخطّط البياني للظّل في اللّاوعي.
والذّهاب إلى أعلى نقطة من رابية المائدة.
لنأخذ استهلالًا من النّصّ
ظلّ إيروس
“هَلْ مِنِ احْتِرَاقٍ جَدِيدٍ؟
قُلْتُهَا بَعْدَ أَنْ نَالَ مِنْ ثَعْرِي،
وَهُوَ عَلَى أَعْتَابِ الْقَوْلِ،
كَبِئْرِ يُوسُفَ،
يُطْفِئُ نَارَ هَيْبَتِي”
يبدأ النّصّ بتسائل عميق
“هل من احتراق جديد”
إيروس إله الحبّ والجنس في الميثولوجية الأغريقيّة.
هنا المُرسلة الشّعريّة تخلق رابطًا قائمًا على التّساؤل، هل للحرائق حياة في وجود
ظلّ إيروس؟
الدّلالة هنا تؤكّد وجود إرث من الحرائق النّاتجة عن الأنتظار، البُعد، التّضادّ غير مبهم بين الباطن والظّاهر.
في ظلّ إيروس، تتوقّع حرائق جديدة.
هنا تتراءى لنا أهمّيّة الأبعاد الجمالية للمشاعر في حضرة الاشتياق والقلق العميق.
لنأخذ صورة أخرى من ظلّ إيروس ” وأنا عَلَى مَسرَحِ الْحِرْمانِ
أسرقُ جميع أنواع النَّساء”
هنا ثمّةُ إشتعال للأنا حيث يُعانقُ الحرمانُ النّرجسيّة في مشهد بصريّ مُحكم المعنى، بالرّغم من وجودها
على مسرح الحرمان
تؤكّد أنّها اختزال ما تملكه جميع النَّساء.
هنا يُفاجئُ اللوغوس ليؤكّد استئثارَها الأنوثة عبر تشعبّات مذهلة في التّأثير على الذّات المتأمّلة للمشهد الجمالي.
أنثى تُعلن امتلاكها جُلَّ المُتعارف عليه في عمقِ ذاكرتنا عن سمات النّساء ،
وثمةُ تأكيد صارم يأتينا عبر الصّورة الشّعرية عن الثراء الأنثويّ روحًا وجسدًا.
ظلًّ إيروس للشّاعرة هدى عزالدين
يُشكّل نداءً صارخًا في فضاءات النّصوص النّاطقة عن ثرائها اللّغوي، وكثافة السّيميائيّات في عمقٍ أبستمولوجي مفتوح على مسارح التّأويل.