كتب. هشام أحمد السح. المثابرة. قصة قصيرة

لآفاق حرة

(المثابرة)

قصة قصيرة

بقلم. هشام أحمد السح. سوريا

صباح يوم عطلة أسفل جبل الموت ذي الصخور الناتئة شديدة الانزلاق ، عالي القمة،
والأشجار ذات الأغصان المدببة الحادة ،التي تنكسر بسبب كثرة الوحوش،والأفاعي بين الصخور، تعلوها أوكار وأعشاش بها طيور جارحة عملاقة، تظهر للصيد عدّة مرّات في اليوم،
وبينما هي تبحث عن زهورٍ نادرةٍ؛ شاهدت ماسة
اليافع نبيلاً، يتسلّق الجبل بصعوبةٍ، كلّما صعد خطوة انكسر غصنٌ يعيده خطوتين.
خافت عليه لما لهذا للجبل من سمعةٍ خطرةٍ ،ركضت نحوه،
وصلت قريباً منه، صنعت من كفّيها بوقاً حول فمها،
نادته: نبيل هذا جبلٌ خطيرٌ! لاتلعب جواره ،وفوق سفوحه قد تهلك!.
-نبيل: بصوتٍ متعبٍ ،أنا لاألعب .
لقد قال الطبيب: إنّ دواء أمّي عشبةٌ جوار أعشاش الطيور، وسأجلبها
رمى الحبل نحو الغصن ،
تأرجح به ،انكسر الغصن،
حاول مرات،
والغصن ينكسر.
لم ييأس، رمى الحبل الذي به خطّاف نحو الصخرة
ليتسلّق، أمسك الخطّاف نتوءٌ رقيقٌ تعلّق به،
لكنّ النتوء انكسر،
وسقط نبيل .
شعر بالتعب، وتعرّق .
فجأة!
جاءت الطيور العملاقة، اختبأ خوفاً منها،
راقبها وهي تصطاد الأرانب، راقب أصغرها، مشى خلفه، غافله، قفز على ظهره، تمسّك برقبة الطائر،
حاول الطائر نفضه ، لكن نبيل تمسّك بقوّة!
طار الطائر إلى عشه، و نبيل فوق ظهره،
وصل الطائر،
حط في عشه،
قفز نبيل أرضاً، ركض ثم اختبأ خلف جذع شجرة.
انتظر حتى نامت الطيور،
بحث عن العشبة، جهد حتّى وجدها.
وضعها في حقيبته،
فرح كثيراً،
فكّر بالعودة،
غافل الطير النائم،
وركب على ظهره، وأمسك برقبته.

استيقظ الطائر،
زعق،
استيقظت الطيور،
حلّقت للصيد، ثم هبطت تبحث عن طعام.
وصلت أسفل الجبل،
بدأت تتمشى،
قفز نبيل،
وجرى بين الصخور،
واستلقى متخفّياً.
طارت الطيور تحمل صيدها،
انتظر قليلاً،
ابتعدت الطيور في السماء.
وقف نبيل و تابع جريه نحو منزله في القرية ،كان مسروراً.
وصل القرية
الشمس قد غادرت،
وبدأ المساء
قابله ثلّة أشرار صغار
سرقوا منه الحقيبة، وهربوا.
تبعهم ،أمسك بصغيرهم،
ضربه فخاف اللصوص،
وأعادوا الحقيبة الخالية من المال.
تابع نبيل سيره،
شاهد ماسة قرب بيتها، استوقفته
وقالت: كنت خائفة عليك
وانتظرك.
– نبيل: الحمد لله شكراً لك على مشاعرك.
لقد صعدت الجبل، ووجدت العشبة لأمي بعد معاناةٍ ومشقّةٍ .
لكنّي. لكنّي كنت مصمّماً ومثابراً.
– ماسة:
نحن نعلم: أنّ المثابرة من صفات البشر، التي تسمح لهم بالمتابعة المستمرة، وبعزم لما بدؤوه لموقفهم أو آرائهم أو حاجتهم، تظهر المثابرة في وجه العقبات والإحباط، في طريق تحقيق الأهداف.
وتابعت
المثابرة هي الاستمرار في الجهد، والعزيمة لتحقيق هدفٍ معيّنٍ، مهما واجهت من صعوباتٍ أو تحدّياتٍ.

عن محمد فتحي المقداد

كاتب وروائي. فاز بجائزة (محمد إقبال حرب) للرواية العربية لعام 2021م. الروايات المطبوعة هي تشكيل لرباعية الثورة السورية. -(دوامة الأوغاد/الطريق إلى الزعتري/فوق الأرض/خلف الباب). ورواية (خيمة في قصر بعبدا)، المخطوطات: رواية (بين بوابتين) ورواية (تراجانا) ورواية (دع الأزهار تتفتح). رواية (بنسيون الشارع الخلفي)

تعليق واحد

  1. د. سارة الأزوري

    القصة كتبت بلغة وصفية جميلة تنقل القارئ إلى عالم الطبيعة والجبال والطيور، وفيها حبكة مغامِرة تحيط بشخصية نبيل وسعيه المتواصل رغم الصعاب، وهو ما يضفي تشويقاً ويبرز قيمة المثابرة والإصرار. غير أن النهاية جاءت مباشرة ووعظية، إذ تحوّلت إلى خطاب يشرح العبرة صراحة، ففقدت عنصر المفاجأة والدهشة التي تمنح النص أثره الباقي. كما أن السرد وقع في شيء من التمطيط وإعادة الصور ذاتها، فيما بقيت بعض الشخصيات سطحية لم تتجاوز دورها الرمزي، مثل شخصية ماسة. ومع ذلك تبقى القصة ناجحة في تمرير رسالتها التربوية، لكنها لو تركت المجال للأحداث والرموز لتتكلم وحدها لكانت النهاية أكثر تأثيراً وإيحاء

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!