لسنواتٍ طويلة، جرى التحضير لهذه اللحظة.
ما كان يُحاك في الخفاء، أصبح يُعرض على الملأ، ولحظة الإعلان باتت وشيكة جداً.
التجهيزات اكتملت، والموعد صار أقرب مما يُظن.
أخيراً، اجتمعا: مجرمٌ ماكر وظلّه.
تُظلّلهما عباءةُ الغدر.
تصافحا وتعانقا، طبعت قبلةٌ على وجه الظل، فارتسمت نجمةٌ غريبة على جبينه، تسطع بلونها الأزرق الباهت.
لم يُعرف لأصلها سبيل.
أما الآخر، فاعتلى منصّة سلام، مبتسماً ابتسامة نصر، وأطلق حمامةً تحمل غصن زيتونٍ جاف، سرعان ما تحوّلت إلى غراب.
ثمّ فرد خريطةً لمملكته، صارت تكبر… يوماً بعد يوم.
في وطنِ الشمس، كانت سبعة أبواب عصيّة، ثم بدأت تتهاوى.
وانتشرت ألوف الغربان تنعق في سمائه.
على الأرصفة، تساقطت زهور الياسمين، تئن في صمتٍ موجع، تحت وطأة الأقدام الهمجية.
في صباح اليوم التالي، استفاق الناس،
وطنٌ مسجّى… يلفظ أنفاسه الأخيرة.
لكن صوتاً يهمس من بعيد في أذن الريح،
يتردد صداه في الأفق:
نحن هنا… قادمون.