1
رن موبايله وهو يقود سيارته:
“أهلين حبيبتي
وكل عام وأنت حبي
أوكي هديتك عندي،
مشغول الآن،
مشوار وجاي لك يا دنيتي”.
أغلق الاتصال وأخذ يتنفس بسعادة وهو ينطلق إلى مشواره.
عاد إلى البيت، استقبلته زوجته بابتسامة وفرح: “كل سنة وأنت طيب حبيبي”.
وقدمت له هدية عيد الحب، وأخذت تحضنه، وتقبله وكأنها ملكت الدنيا كلها.
“وأنت بخير حبيبتي، أسعدتني هديتك يا أم لؤي، وأعتذر منك، أنا انشغلت بالعمل والاجتماع، ونسيت ما أمر آخذ لك هدية، لكن أنت سباقة دائمًا، تسلمي لي”.
“أنت هديتي كلها يا حبيبي، وتتعب لأجل من؟ صح لأجلنا”.
خرج لؤي وسلا من غرفتهما وهما يجريان باتجاههما: “كل سنة وأنتم بخير بابا وماما”، وأخذا يدوران حولهما بسعادة.
تناول الطعام معهم، ثم أخذ موبايله وكتب منشورًا على “فيسبوك”: “عيد حب سعيد زوجتي الحبيبة”.
يناديها: “أم لؤي هديتك على الفيسبوك شاهديها.
جاء لي اتصال، أنا بخرج الآن حبيبتي”.
بدأت تتوالى التعليقات على المنشور من الأصدقاء، الكل يتمنى لهما السعادة ودوام المحبة.
أكملت تنظيف المطبخ، وجلست تقرأ ما كتبه حبيبها، والتعليقات التي كتبت، وكلها فرح. قالت هذه أجمل هدية، العالم كله يشهد بحبه لي. لحظات جميلة عاشتها الزوجة السعيدة التي الكل الآن يتمنى يعيش مثل حياتها، وهي تنتظر متى يعود ليحتفلا معًا.
المقربون يتداولون المنشور، والكل يتحدث عن هذه العلاقة المثالية، والحب الذي بينهما، وبدأ البعض منهم يلومون زوجاتهم، ويقارنون بينهن وبين أم لؤي، وكيف تتعامل مع زوجها.
2
الموبايل يرن ويرن…
“حبيبتي؛ الطريق زحمة، دقائق وأكون عندك،
وأنا كمان مشتاق كثير لرؤيتك”.
فتحت له الباب وكأنها عروس في يوم زفافها.
– “ما هذا كله! جميلة أنت وفاتنة يا حبيبتي”.
تعانقا بحرارة وهما يتبادلان القبلات والهدايا.
احتفلا بعيد الحب، وقضيا ليلتهما في أجواء رومانسية دافئة.
وجد نفسه وقد غلبه النوم، أفاق على ضحكتها التي ملأت المكان.
– تدوم ضحكتك يا روحي، لكن خير ما الذي جعلك تضحكين هذه الضحكة القوية التي صحتنا من نومي؟
– كيف عندما قررت تنزل منشور الفيسبوك هذا؟ أنت واحد خطير، هو لمن الآن؟ لي أو لها؟
– حبيبتي أنت، دنيتي الجميلة بدأت يوم قابلتك، أنت سعادتي وليس أحد سواك، تعالي حضني ما لك من الفيسبوك.
– لكن العالم كله أصدقاءك، وأسرتك الآن يعرفوا كم أنت تحبها، والكل يتحدث اليوم عنكما وليس عنا.
اعتدل في جلسته:
“أقول لك الحقيقة، أم لؤي طيبة وحنونة، وبيننا حب واحترام، عمرها ما نكدت عليّ حياتي، اليوم وصلت البيت وهديتي جاهزة، شوفي الساعة هذه حلوة وغالية، وأكيد الآن قد جهزت الشقة للاحتفال كالعادة، بصراحة هي تحاول دائمًا تصنع السعادة للبيت، وأنا مؤخرًا بدأت أشعر أني مقصر معها، هي ما تستاهل الذي فعلته فيها، لكن أنت سلبتي عقلي وقلبي”.
– لأن سعادتك معي يا حبيبي، والمفروض المنشور بالفيسبوك لي أنا، وليس لها.
وهو يضحك: “بلا طمع، أخذتِ كل حاجة، ومش مشكلة الآن، كل واحدة تعتبره لها، وخلي في بالك كمان سعادتي معك ومعها”.
ينظر للساعة: “لاااا، الوقت متأخر، لماذا تركتينا أنام كل هذا الوقت، أكيد الآن تنتظرني”.
نهض مسرعًا نحو الحمام، أخذ شاور، وارتدى ملابسه.
– سأعود لك يا حبيبتي، أيامنا كلها أعياد حب.
– خليك الليلة معي حياتي…
– سأقضي معك ليالي كثيرة، لا تستعجلي يا روحي.
3
وصل شقته والوقت قريب الفجر، وهي في انتظاره لم تنم، لم تظهر له أنها متضايقة من تأخره، ولا من عدم اتصاله، ولا أنها شعرت بالنعاس.
– حبيبتي؛ أعتذر منك، كان عندي عمل واجتماع وانشغلت ولم أستطع الاتصال بك.
– ولا تهم، وأنا انتظرتك، كل شيء جاهز، غير ملابسك عشان نتعشى سوا.
خلع ملابسه وارتدى قميص نومه: “حبيبتي؛ لست جائع، تناولت العشاء مع الاصدقاء، أصروا إلا أن نتعشى كلنا”.
– على فكرة أنا ما أكلت، قلت أنتظرك ونأكل مع بعض.
– سامحيني يا حبيبتي، كان يوم مرهق، عمل واجتماعات، وشعرت بالجوع، وتحت إصرارهم أكلت معهم، أنا متعب جدًا وأشعر بالنعاس.
– يا روحي أنت تتعب كثير، وكان المفروض تأخذ إجازة، من فترة طويلة ما أخذت”.
– رصيد إجازاتي منتهي.
لم تسمعه، فحاول أن يداري بالكلام، فهي لا تعلم أنه قد أكمل إجازاته، طلبت منه أن يغمض عينيه قبل أن يدخل غرفة نومهم.
كانت قد أشعلت الشموع والإضاءات الملونة ، وزينت الغرفة بالبالونات والورود، ونثرت الورد المجفف على السرير، وشغلت الموسيقى على صوت منخفض كي لا يسمع الأطفال ويصحوا ليفسدوا عليهما احتفالهما، وعلى الطاولة وضعت العصير والحلويات والتورتة التي زينتها باسميهما.
“افتح عينك وتفضل يا عمري، وكل سنة وأنت الحب”.
دخل، وأخذ يبدي إعجابه بكل ما شاهده، وارتمى على السرير وهو يضحك ويقول: “وليس أجمل من هذا السرير والورد اللي عليه”.
– غمض عينك كمان دقيقة وشوف هذه المفاجأة.
حبيبي هيا فتح عيونك، يا عمري، أنا قلت غمض دقيقة بس مش كثير.
يا قلبي أنت، فعلًا كان يوم مرهق، وإلا ما نمت كذا بدون ما نحتفل سوا وتشوف قميص نومي الجديد.
أخذت تغطيه برفق، وتضع قبلاتها على خديه، وتتأمل فيه بحب، مررت يدها على شعر رأسه وخدوده ، ثم راحت تدلك رجليه وهي تشعر بحب العالم كله يحيطها، تركت كل شيء مكانه، ونامت بجواره وهي تحتضنه بسعادة لا توصف. إنه معها، وبجوارها.