قراءة تحليلية لقصيدة فيصل النائب الهاشمي (حين يكتبني الحنين) الشاعر الجميل فيصل النائب الهاشمي

نصك حين يكتبني الحنين ينفتح على فضاء شعوري مفعم بالصدق والاندفاع العاطفي، حيث يتجلى الحنين لا بوصفه مجرد حالة وجدانية، بل كقوة ميتافيزيقية تكتب الذات كما تكتب هي القصيدة. فالمحبوبة هنا ليست مجرد مخاطب غائب، بل هي التي تتحول إلى نص، إلى حبر يتغلغل في جسد الشاعر، حتى يغدو كل بيت انعكاسًا لحضورها الخفي.

في نصك، يبرز البعد الجدلي بين الغياب والحضور، فالمحبوبة حين تغيب يخنقك الصمت وتستحيل الأنفاس أنينًا، وحين تلوح عيناها تنقلب الدنيا كلها إلى رؤيا جديدة. هذا التحول يشي بفلسفة عاطفية ترى أن المعنى لا يُستمد من الذات وحدها، بل من الآخر/المحبوب، فهو المرآة التي من خلالها يكتمل الوجود الشعري. بهذا المعنى، القصيدة ليست مجرد غنائية رومانسية، بل هي استدعاء للآخر كي يمنح الذات كينونتها ومعناها.

على مستوى البناء الفني، النص قائم على الصور البلاغية المألوفة في الشعر العاطفي، مثل الدم الذي يسري فيه العشق، والندى والورد والياسمين، غير أن حضورها في السياق يعكس انسيابًا وجدانيًا أكثر منه زخرفًا لفظيًا، وكأن الشاعر يريد أن يقول إن الكلمات القديمة تتجدد حين تستحضرها التجربة الحقيقية. كما أن النص حافظ على إيقاع وجداني متدفق، يتناغم مع انسياب العاطفة، فجاءت الأبيات متلاحقة كتدفق أنفاس محبٍّ لا يطيق الانتظار.

ولعل أجمل ما في النص أنه يطرح سؤالًا وجوديًا ضمنيًا: هل نحن من يكتب القصيدة، أم أن القصيدة – عبر الحنين والعشق – هي من تكتبنا؟ في هذا التبادل، يصبح الشعر فعلاً يتجاوز البوح الشخصي ليقترب من التأمل الفلسفي في ماهية العلاقة بين الذات والآخر، وبين الشاعر وكلماته، وبين العاطفة والنص.

بهذا المعنى، نصك ليس غنائية رومانسية فحسب، بل هو تأكيد أن الحب حين يمتزج بالحنين يتحول إلى قوة خلاقة تكتب الإنسان من جديد

نبذة مختصرة عن
د.محمد أبوقرون✍️

كاتب وناقد
السودان
– دكتوراه في إدارة الأعمال
– بكالوريوس في اللغة الإنجليزية – جامعة أم درمان الأهلية
– إدارة الأعمال في الموارد البشرية – جامعة سان دييغو
– مدرسة غرينيتش للإدارة – لندن
– جامعة ARGOSY في الإدارة
. مستشار تحكيم دولي
.خبير التنمية والتطوير المعرفي

النص

*حين يكتبني الحنين*

الشاعر: فيصل النائب الهاشمي

تُسابقُني الحروفُ إليكِ شِعرًا
فأكتبُها كأنَّكِ تكتبيني

فإني في هواكِ صدى قصيدي
فغني وانشديني واحتويني

كأنَّكِ في دمي عشقٌ قديمٌ
تجذّر بي فبان على جبيني

إذا غِبتِ اختنقتُ بثقل صبري
وضاع النبضُ في صمتِ الأنينِ

وإن لاحَتْ عيونُكِ في سمائي
أرى الدنيا بعينك لا بعيني

فأنتِ الحرفُ والمعنى وصالا
وفيك النبض يسري في وتيني

أنا همس أتيتك من فؤادٍ
توشح بالحنان وبالحنينِ

ففي لغتي ندى عشقٍ ووردٍ
يفوحُ بسحره كالياسمين

يشدُّ إليك توقي واشتياقي
فأرشف من هواك وتسكريني

ويزرعُ في فؤادي ألفَ معنىً
فتزهر في رُبى روحي سنيني

وأقطف من حروفي ما تبقّى
فأنت بكلّ أبياتي يقيني

الهاشمي، نصك حين يكتبني الحنين ينفتح على فضاء شعوري مفعم بالصدق والاندفاع العاطفي، حيث يتجلى الحنين لا بوصفه مجرد حالة وجدانية، بل كقوة ميتافيزيقية تكتب الذات كما تكتب هي القصيدة. فالمحبوبة هنا ليست مجرد مخاطب غائب، بل هي التي تتحول إلى نص، إلى حبر يتغلغل في جسد الشاعر، حتى يغدو كل بيت انعكاسًا لحضورها الخفي.

في نصك، يبرز البعد الجدلي بين الغياب والحضور، فالمحبوبة حين تغيب يخنقك الصمت وتستحيل الأنفاس أنينًا، وحين تلوح عيناها تنقلب الدنيا كلها إلى رؤيا جديدة. هذا التحول يشي بفلسفة عاطفية ترى أن المعنى لا يُستمد من الذات وحدها، بل من الآخر/المحبوب، فهو المرآة التي من خلالها يكتمل الوجود الشعري. بهذا المعنى، القصيدة ليست مجرد غنائية رومانسية، بل هي استدعاء للآخر كي يمنح الذات كينونتها ومعناها.

على مستوى البناء الفني، النص قائم على الصور البلاغية المألوفة في الشعر العاطفي، مثل الدم الذي يسري فيه العشق، والندى والورد والياسمين، غير أن حضورها في السياق يعكس انسيابًا وجدانيًا أكثر منه زخرفًا لفظيًا، وكأن الشاعر يريد أن يقول إن الكلمات القديمة تتجدد حين تستحضرها التجربة الحقيقية. كما أن النص حافظ على إيقاع وجداني متدفق، يتناغم مع انسياب العاطفة، فجاءت الأبيات متلاحقة كتدفق أنفاس محبٍّ لا يطيق الانتظار.

ولعل أجمل ما في النص أنه يطرح سؤالًا وجوديًا ضمنيًا: هل نحن من يكتب القصيدة، أم أن القصيدة – عبر الحنين والعشق – هي من تكتبنا؟ في هذا التبادل، يصبح الشعر فعلاً يتجاوز البوح الشخصي ليقترب من التأمل الفلسفي في ماهية العلاقة بين الذات والآخر، وبين الشاعر وكلماته، وبين العاطفة والنص.

بهذا المعنى، نصك ليس غنائية رومانسية فحسب، بل هو تأكيد أن الحب حين يمتزج بالحنين يتحول إلى قوة خلاقة تكتب الإنسان من جديد

نبذة مختصرة عن
د.محمد أبوقرون✍️

كاتب وناقد
السودان
– دكتوراه في إدارة الأعمال
– بكالوريوس في اللغة الإنجليزية – جامعة أم درمان الأهلية
– إدارة الأعمال في الموارد البشرية – جامعة سان دييغو
– مدرسة غرينيتش للإدارة – لندن
– جامعة ARGOSY في الإدارة
. مستشار تحكيم دولي
.خبير التنمية والتطوير المعرفي

النص

*حين يكتبني الحنين*

الشاعر: فيصل النائب الهاشمي

تُسابقُني الحروفُ إليكِ شِعرًا
فأكتبُها كأنَّكِ تكتبيني

فإني في هواكِ صدى قصيدي
فغني وانشديني واحتويني

كأنَّكِ في دمي عشقٌ قديمٌ
تجذّر بي فبان على جبيني

إذا غِبتِ اختنقتُ بثقل صبري
وضاع النبضُ في صمتِ الأنينِ

وإن لاحَتْ عيونُكِ في سمائي
أرى الدنيا بعينك لا بعيني

فأنتِ الحرفُ والمعنى وصالا
وفيك النبض يسري في وتيني

أنا همس أتيتك من فؤادٍ
توشح بالحنان وبالحنينِ

ففي لغتي ندى عشقٍ ووردٍ
يفوحُ بسحره كالياسمين

يشدُّ إليك توقي واشتياقي
فأرشف من هواك وتسكريني

ويزرعُ في فؤادي ألفَ معنىً
فتزهر في رُبى روحي سنيني

وأقطف من حروفي ما تبقّى
فأنت بكلّ أبياتي يقيني

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!