عرش السراب/ شعر : الشاعرة الدكتورة زبيدة الفول (لبنان)

أرحلُ عنّي
وأجمعُ أشلاءَ صمتي،
أُقنِعُ روحي
بأنَّ الفراقَ خلاصُ المسافةِ،
أنّي نجوتُ من النارِ…
لكنَّ قلبي تمادى،
تجاوزَ حدَّ القوانينِ،
ثَارَ على منطقِ العقلِ،
خلعَ القيودَ،
وأشعلَ في داخلي ثورةَ الأسرارِ.

ناديتُهُ صارمًا:
يا فؤادُ اكتمْ جموحَكَ،
أَطردْ غريبَكَ،
مَنْحوتُكَ الواهِمَ المستعار!
مَن أوجعَكَ،
مَن نصبَ التيهَ في أوردتك،
كيف تبايعهُ ملكًا
وتنسى جراحَ النهارِ؟

فأجابَني النبضُ حائرًا:
تبًّا لحريّةٍ بلا أقمار،
هل أملكُ أن ألغيَ الحكمَ؟
هل أُطيقُ الفكاكَ
من السيّدِ الآمرِ الجبّارِ؟

إنْ حلَّ سلطانُ الهوى في دمي
ظلَّ أميرًا أبديًّا على أوتاري،
لا ينزاحُ حُكمُهُ،
لا تستقلُّ أوطاني،
فمن وهبَني النَّبضَ
كيف أفارِقُهُ؟
ومن حفرَ وجهَهُ في مرايا رُوحي
أيُّ دهورٍ تمحو المدى؟
أيُّ جدارٍ يُخفي الضيَاءَ المُستعارَ؟

يا أنا،
يا نصفَ روحي الذي فيه يسكنُ،
لا تطلبي بُعدَهُ…
فذاكَ فناءُ النهارِ.

حُبُّهُ ما زالَ يحكُمُني،
ولو كوَتْني جمرةُ نارِهِ،
أستسلمُ للقيودِ،
أُبايِعُ سجّانَ عشقي،
وأعترفُ:
لستُ أطيقُ خلاصًا،
ولا أرى موتًا
بغيرِ انصهاري

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!