العناوين:
التاريخ هو حدث تراكمي٠
تاريخ حيفا هو مشروع حياتي٠
ولدت وعشت في وادي النساس الحي العربي الفلسطيني الشهير في حيفا٠
إسرائيل شيطنت الفلسطيني٠
نسبة عالية من المجتمع الإسرائيلي متطرف جدا٠
ما يحدث في غزة ينساق ضمن المخطط الإسرائيلي في المنطقة٠
المقدمة٠
د جوني منصور مؤرخ فلسطيني، حيفا حياته في حله وترحاله، عرّف العالم من خلال كتابته ومحاضراته في الجامعات والنوادي الثقافية، وكتبه التي الفها٠
كان دائم السؤال لماذا تنتصر علينا إسرائيل، وتتكالب علينا الهزائم من كلّ جانب ؟ طاب الحديث وطال الكلام ، وأدركنا الصياحات وما سكتنا عن الكلام غير القويم٠
تصدى د/ جوني منصور من خلال مشروعه التنويري لكل هذه الصياحات وقدم مشروعه التنويري لكل ما هو زائف ومفبرك، وجعل من حيفا منارته، بالمعنى الحقيقي للكلمة٠٠
حاوره ٠
**كيف تعلق على هذه المقولة :
التاريخ وثيقة تاريخية باقية تتناولها الأجيال، يحمل بين طياته أحلام حاضر مضى ، ورؤى حاضر مازال، واستشراف حاضر آت، وثيقة الكشف والبوح، كما وثيقة الألم والفرح، إنه صدى للسنين؟
درج تعريف “التاريخ” بأنه احداث من الماضي، نقرأها في الحاضر، أو نستعيدها ولو مؤقتا في الحاضر، والهدف المركزي هو فهم وادراك ما هو قادم، بالرغم من أن ما هو قادم ليس في حدود التاريخ الزمنية الماضوية، إلا في حالة تقدم محور الزمن ليبتلع المستقبل بكونه حاضرا ثم ماضيا. هذه الحركة الزمنية هي التي تميز موضوع التاريخ كأحد المواضيع الثابتة والصلبة في كونه ماض يمكن الرجوع إليه ولكن، العودة إليه بمناظير او منظورات مختلفة وفقا لتحليلات وقياسات كل شخص مهتم بالأمر. بمعنى آخر فإنّ الحدث واحد ولكن التحليل من حوله ومحتواه يختلف من تيار إلى آخر، ومن شخص إلى آخر.
**هل صحيح أنّ التاريخ بمعناه الواسع ، نتاج لتراكم الفعل الإنساني على مرّ الزمن؟
من الواضح ّأنّ التاريخ هو تراكمي، وليس حدثا واحدا منفردا ومفصولا عن احداث اخرى. ولكونه هكذا فإن الضرورة الملزمة أن يتراكم التاريخ كشرائح صخرية الواحدة فوق الأخرى. هذه التراكمية ليست وليدة الحدث التاريخي المحدد، إنما وليدة تتابع الاحداث ونموها وتطورها وسيرها على محور الزمن. فإذا شاء التاريخ أن يرفض مبدأ التراكمية، فإنه – اي مبدأ التراكمية – سيلاحقه على طول.
** السؤال المطروح الآن : هل هناك ضرورة لتوظيف التاريخ في السياسية؟
لا اشك في ذلك، فالتاريخ هو أحد المكونات الرئيسية لفهم التحولات التاريخية التي تحصل في مكان ما ضمن زمان ما. هذا الربط الذي يساعد على تكوين حركية دائمة للحدث التاريخي هو عبارة عن زاد للسياسي. فالأحداث التاريخية هي مستودع ممتاز للعمل السياسي، واعني بذلك توفير مادة خام للسياسي أو لعالم السياسة التعامل معها. ومن هنا اعتبر المادة التاريخية مادة يجب أن تكون على مائدة العمل السياسي لأنها تُحصِّنه، اي تُحصّن العمل السياسي، وأيضًا تساهم في مساعدة السياسي على فهم الماضي من باب الاطلاع على المعلومة، وإلى التعامل مع الحاضر كواقع معاش سياسيا، واستشراف المستقبل والرؤى التي توجه العمل السياسي.
** يُطلق عليك في الصحافة مؤرخ حيفا كيف تعلق على هذه التسمية؟
اعرف هذا اللقب أو التسمية، إن شئت. واعتقد أن السبب الكامن وراء ذلك هو مشروع حياتي الرئيس في كتابة تاريخ المدينة التي ولدتُ وعشت ولا ازال اعيش فبها مع عائلتي الصغيرة ومعارفي واصدقائي وبيئتي. من جهة أخرى، كنت قد وضعت أمام عيني هدفا رئيسا منذ أكثر من ثلاثين عاما بأن اعمل على توثيق تاريخ المدينة لغرضين، هما تعزيز معرفة تاريخ وواقع المدينة لدى ابناء المدينة الفلسطينيين، وأيضًا لمواجهة السردية الصهيونية الاسرائيلية الملفقة والتي تسعى إلى كتابة تاريخ المدينة وكأن مؤسسيسيها العرب الفلسطينيين وسكانها الاصلانيين هم حالة طارئة. بمعنى أنني امتلكت الجرأة الانسانية والتاريخية لأقول مقولة بأنّ هذه المدينة عربية الجذور وفلسطينية التاريخ والهوى، وستبقى هكذا بالرغم من غدر الزمان والخلان. من جهة أخرى، وقد يكون هذا الامر مسألة شخصية، أردت أن أُعرّف ابنائي على مدينتهم بصوتي وقلمي وكاميرتي. ان يعرفوا تاريخ مدينتهم من فم والدهم المولود فيها والذي يحمل على كتفيه مسؤولية تعميم ونشر تاريخ هذه المدينة كجزء من الانتماء والتمسك بها، وايضا لخلق واقع انتمائي للكل الفلسطيني بأن المدينة التي ضاعت وفقدناها في 1948، لا تزال قائمة وحية في وجدانهم وذاكرتهم الجمعية.
** حيّ وادي النسناس في حيفا ماذا يعني لك؟
ولدت وعشت في حيّ وادي النسناس، وهو الحي العربي الفلسطيني الشهير في حيفا. لم أعش حياة رغد، كسكان أحياء أخرى. الفلسطينيون الباقون في حيفا في 1948 تم تجميعهم في هذا الحي وكلهم من الطبقة الفقيرة المسحوقة والكادحة. ولكننا عشنا في ألفة ومحبة ومودة وجيرة طيبة مع كل سكان الحي حتى مع بعض العائلات اليهودية الشامية والبيروتية التي هاجرت إلى فلسطين بعد النكبة. حياة ليست سهلة بل قاسية في احيان كثيرة، إلا أن الشعور بالقناعة وبأننا سنخرج من شريط هذا الغيتو كانت تلاحق الاهالي. لهذا تعب واجتهد الاهالي، بمن فيهم والدي، على منحي واخوتي التعليم مهما كلف، وكانت تكاليفه ولا تزال باهظة. وهكذا شكـّل هذا الحي وعي في حالات الفقر، في حالات انظر اليها اليوم واشبهها بالمخيمات الفلسطينية. لم يختلف الحي عن المخيمات، سوى أنه تحت سيطرة الاحتلال الاسرائيلي. لكن الاصرار على البقاء والمتابعة في طريق النضال من اجل حماية الوجود والتطلع الى المستقبل تم تشكيله في هذا الحي. كان من بين جيراني الشعراء سميح القاسم ومحمود درويش وعصام العباسي. وكان قريبا من بيتنا مكاتب ومطبعة جريدة الاتحاد لسان حال الحزب الشيوعي التي لعبت دورا مركزيا مع سائر المجلات والنشرات التي يصدرها الحزب في تشكيل وعينا السياسي والوطني والقومي. لهذا دمج الحي بين معاني الحياة والتمسك بالبقاء وبين بناء الهوية الوطنية والقومية للفرد الذي يعيش فيه. إلى جانب أن هذا الحي قد لعب دورا مركزيا في تشكيل طفولتي وإن كانت صعبة جراء الظروف الاقتصادية التي كانت سائدة، ونتيجة لشظف العيش في حينها فإنني متمسك بأن الحي كان غنيا بالقيم والاخلاق والسلوكيات التي تؤكد الانفتاح والمساندة والتعاضد بين ابناء الحي، بعكس الحالة الحالية التي نمر بها. كان الكل يهتم بالكل، لم تكن الفردانية حالة سائدة، إنما التعاضد الجماعي والهم الكلي.
** الشخصية الفلسطينية في التاريخ الإسرائيلي كيف يتم تصويرها؟
لم يعد خافيا على أحد أن الشخصية الفلسطينية حاضرة في نصوص أدبية وتاريخية وسياسية ومسرحية وغيرها في المشهد الاسرائيلي. فالفلسطيني هو عدو. وبكونه مُعرّفا هكذا فإن اسرائيل شيطنت الفلسطيني وجعلته منبوذا ومخالفا للقوانين وفاقد لانسانيته، ومُخِّرب ومُدمِّر وغير لائق للتعامل معه. بمعنى تصوير الفلسطيني بكل التشبيهات السلبية التي تحط من انسانيته ودوره ومكانته. أضف إلى ذلك إنكار وجوده وإنكار تاريخه وعلاقته بهذه الارض التي هي فلسطين. عمليات الإنكار تظهر بوضوح في مناهج وكتب التدريس المعتمدة في المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة. عملية رفض الاعتراف بوجود الفلسطيني وعلى مر العقود السالفة خلقت شخصية فلسطينية في تصور الاسرائيلي بأنه شيطان وغريب ولا يمكن العيش معه. بالرغم من أن الفلسطيني في اسرائيل قد اثبت على مر العقود منذ النكبة أنه يحب الحياة، وأنه يحب وطنه ويعمل من أجل وطنه قبل أن تكون دولة أو إطار لأي كيان سياسي. وأنه يناضل ويكافح من اجل البقاء والوجود. وهذه هي معركته اليومية امام السلطات.
**ما هي الأسباب التي جعلت نزوع المجتمع الأسرائيلي إلى التطرف أكثر فأكثر؟
باعتقادي أن نسبة عالية جدا من المجتمع الاسرائيلي يمكن تصنيفها ضمن اليمين المتطرف جدا. ولا اقصد هنا فقط الحكومة او اي جهة رسمية وحزبية. حيث بينت استطلاعات الرأي في العقد الأخير بشكل خاص على أن المجتمع الاسرائيلي يجنح بشكل متواصل الى اليمين المتشدد والمتطرف الذي يرفض الوجود الفلسطيني، ويرفض قبول حق الفلسطيني في بناء دولته ووطنه وتشكيل حياته الاقتصادية والثقافية والاجتماعية في وطنه. من جهة أخرى علينا النظر إلى أن الغطرسة الاسرائيلية هي امر سائد ومنتشر بأن الاسرائيلي هو الأفضل، وقد تكون جذورها في العقيدة الدينية التي تعتبر اليهودي كفرد وجماعة “شعبا مختارا”. وهذا الشعار جعل من اليهودي يغرق في نفسه ويتغطرس على الآخرين، ويعتبر أن الفلسطيني دوني ولا حظ له في الحياة، وأن هذه الأرض ليست له، بل مِنّة من خالق الكون. كل هذه الافكار راسخة في ذهنية تيارات وجماعات اسرائيلية متطرفة. وليس هذا فحسب، بل حتى التيارات والجماعات العلمانية التي لا تستند على العقيدة الدينية تنظر نظرة فوقية إلى العربي عامة بكونه متخلف وصحراوي وبربري وهمجي، وتنظر الى الفلسطيني بشكل خاص بكونه طارئ على هذه الأرض وأنه استغلها من غير حق. وطبيعي ان تلتقي ا لتيارات كلها في نبذ ورفض حق الفلسطيني في أرضه ووطنه، سواء على خلفية عقائدية دينية او سياسية علمانية.
**ما يحدث من حرب أبادة في غزة الآن ضد الشعب الفلسطيني من قِبل إسرائيل كيف تفسر هذا السلوك؟
ما يحدث في غزة ينساق ضمن مخطط التمدد الاسرائيلي في المنطقة، وهذا ما عبر عنه عدد كبير من سياسيي اسرائيل، ومن بينهم ينيامين نتنياهو في كتابه “مكان تحت الشمس” والذي صدر قبل عدة عقود. يتطرق فيه نتنياهو الى مبنى جديد للمنطقة بتغيير حدودها المرسومة منذ اتفاقية سايكس بيكو في 1916. وما نلاحظه الان هو استغلال ما قامت به حركة المقاومة في 7 اكتوبر 2023 لتطبيق اجندته في التخلص من قطاع غزة، وهذا يعني تطهير عرقي – إبادة جماعية لمليوني فلسطيني، وأيضا بالتزامن مع ما يحدث في غزة تقوم اسرائيل بتدمير مخيمات الضفة الغربية، والهدف هنا هو التخلص ايضا من مشكلة المخيمات وبالتالي تصفية قضية اللاجئين. وايضا تخفيف عدد الفلسطينيين في فلسطين التاريخية الذي تفوق على عدد اليهود في اسرائيل والمستوطنات التي اقامتها حكومات اسرائيل المتعاقبة على اراضي الضفة الغربية والقدس الشرقية. ما يجري في غزة فاق السلوك الاجرامي إلى مستوى الفاشية الكاملة بتنفيذ ابشع المجازر والتجويع والترحيل والقتل والنفي والاعتقالات وتدمير البنى التحتية بما فيها المدارس والمستشفيات والجامعات حتى لا يبقى اي شيء قابل للحياة في غزة. لكن، تُواجَه آلة القتل والتدمير الاسرائيلية صمودا سيسطره التاريخ الى اجيال قادمة. صمود بالدم والعرق وحب البقاء والحياة. في حين ان اسرائيل ممثلة بحكومتها الفاشية تسعى الى التغطية على اعمالها الاجرامية بدعم وغطاء امريكي وغربي وعربي في بعض الاحيان والحالات، إلا أن تيار التحرر المنتشر كالنار في الهشيم سيُحدث التغيير في الانظمة السياسية في المنطقة وغيرها.
** يُقال أن الصراع ضرورة حياتية والعدون غريزة بقائية ما هو تعليقك على هذه المفهوم؟
أنا لا اتفق مع هذه المقولة. فالصراع هو من صناعة البشر ويندرج تحت مسميات اخرى كالمصالح الاستراتيجية والرأسمالية والتوسع الاستعماري. فالصراعات دائمة الوجود منذ الخليقة. لكن المشكلة كيفية التعامل معها. بمعنى انها ليست من الضرورات بقدر ما هي من المصالح التي تتعلق بالدول وكيفية تعاطيها معها. لكن من ينظر الى تاريخ المنطقة يدرك تماما ان المنطقة عاشت منذ آلاف السنين في صراعات بين القوى الاقليمية منذ فجر التاريخ، بين حضارات ودول بلاد ما بين النهريم وبين الحضارة المصرية الفرعونية، وهكذا. وتسعى كل دولة الى البقاء واطالة عمرها، لكن الحركة الكونية تفرض تحولات وتبدلات، ويبدو أن هذه تحصل الان سواء في سوريا أو في غزة او مناطق اخرى قد تكون في الخليج العربي.
** القضية الصهيونية على حجج خمس ؛
الحجة الأولى هي أن فلسطين كانت في الأزمنة القديمة منذ عصور طويلة وطنا قوميا لليهود٠
غير صحيح، فالحضور اليهودي اليوم مختلف كليا عن الحضور اليهودي التاريخي سواء القديم أو من العصر الوسيط. عاش اليهود في المنطقة عامة وفي فلسطين خاصة تحت مسميات مختلفة: اليهود، الاسرائيليون، العبرانيون، بنو اسرائيل، بنو موسى… الخ. فعن اي يهود نتحدث؟ من جهة أخرى، المدة الزمنية التي مر فيها اليهود او المسميات الاخرى قصيرة جدا. وهل كانوا حقيقة في فلسطين أو ان القصد من القصص التوراتية مكان آخر. هناك من يدعي الجزيرة العربية.
الحجة الثانية هي أن لفلسطين دلالة دينية مقدسة لليهود على وجه الخصوص٠
استنادا الى الكتب الدينية وتحديد الاماكن فيمكن ان تكون اشارات الى اليهود في فلسطين، ولكن هذا لا يعني رفض او نبذ وجود شعوب اخرى في المنطقة عاشت ولا تزال تعيش مستندة الى جذورها الضاربة في عمق التاريخ. يحاول الفلسطينيون التمسك بأن جذورهم تعود الى الكنعانيين الذين استوطنوا المنطفة ولعبوا دورا حضاريا بارزا لا تزال اثاره مكشوفة وملاحظة من خلال اللغة والعمران والعادات الزراعية والاجتماعية والنصوص.
الحجة الصهيونية الثالثة هي أن الحكومة البريطانية وعدت اليهود في عام ١٩١٧ انه سيكون لهم وطن قومي في فلسطين٠
هذا مرفوض بالقانون الدولي. إذ لا يحق لبريطانيا ان تقدم وعدا لأرض لم تمتلكها او تحتلها لشعب لا حق له في هذه الارض. من جهة أخرى فإن تصريح بلفور لا اساس قانوني له، إذ لا يعترف بوجود الشعب الفلسطيني وانما يصنفه على اعتبارات طوائف. بل جعل من اليهود اصحاب حق قومي في فلسطين. طبعا هذا باطل ومُحال ومرفوض بالتمام. من جهة أخرى الوعد البريطاني هو متحالف مع الحركة الصهيونية التي هي حركة كولونيالية متناغمة مع المشاريع التوسعية البريطانية. بمعنى آخر، أن الصهيونية هي وكيل معتمد للكولونيالية البريطانية ثم الامريكية في المنطقة.
الحجة الرابعة ضرورة معاملة اليهود معاملة كريمة وتتجلى هذه المعاملة في إقامة دولة لهم في فلسطين٠
السعي البريطاني خاصة والغربي عامة الى التخلص من القضية اليهودية التي هي قضية تخص اوروبا ولا تخص الفلسطينيين والعرب. وبالتالي القاء هذه القضية على كاهل الفلسطينيين الذين تحولوا إلى ضحية هذه القضية، وضحية السياسات الاستعلائية الاقتلاعية الاوروبية التي تماهت مع التوجهات الفكرية والتطبيقية الصهيونية. ما ارادته الكولونيالية الغربية بسط سيطرتها على الشرق الاوسط وعلى البلدان العربية بتشكيل دولة عازلة تفصل العرب في شمالي افريقيا عن العرب في اسيا الغربية. والاداة التنفيذية هي اقامة دولة عازلة، وهذه الدولة العازلة حملت ايضا في جعبتها حلا للأزمة السياسية التي عانت منها اوروبا بالحضور اليهودي وخاصة بروز المشروع النازي. هنا تلاقت المصالح الكولونيالية الغربية مع الصهيونية في الاستفادة من سياسات النازية بالتخلص من اليهود وتوجيهيهم الى فلسطين لإقامة دولة يهودية لشعب عانى من القهر والقمع والملاحقة والمحرقة. وكل هذا على حساب الشعب الفلسطيني الذي لا ناقة له ولا جمل فيما كان يجري في اوروبا. وهنا جاء دور الصهيونية ثم اسرائيل في شيطنة الفلسطيني ونزع الانسانية عنه، وأنه متعد على حقوق إلهية وقومية يهودية.
الحجة الأخيرة التي تقدم لحساب الصهيونية في كون المهاجرين اليهود في فلسطين جعلوا البلد( فلسطين) تتقدم تقدما هائلا بالفعل، وأن من شأن مزيد من الهجرة أن تؤدي بالتالي إلى فائدته٠
هذا ادعاء كاذب، إذ إن الحتمية التاريخية تفرض التطور والتقدم، فلو نظرنا الى عواصم عربية قريبة مثل عمان وبيروت وبغداد وغيرها ألم تتقدم مع مرور الزمن. هذه ظاهرة كونية ولا علاقة لها بالعقل اليهودي او الاسرائيلي. يجوز ان يكون التقدم والنمو أقل سرعة أو أنه بطيء، ولكنه حتما سيحصل. فلا نأخذن هذه الشعارات وكأن اليهود واسرائيل هم المنقذين للشعوب العربية في هذه المنطقة، وكأنهم سيجعلون
الصحراء خضراء على ايديهم.
– سيرة موجزة جدًّا
د. جوني منصور
مؤرخ وباحث ومحاضر من مواليد حيفا في عام 1960، ومقيم فيها مع عائلته. عمل في التعليم المدرسي والأكاديمي قرابة اربعة عقود ونيف. متقاعد ومتفرّغ للبحوث في حقول التاريخ والعلوم السياسية والتربية والثقافة. مجالات اهتماماته: 1. تاريخ العرب والاسلام في العصور الوسطى. 2. تاريخ المسيحية والمسيحيون في فلسطين والشرق الأوسط. 3. المدينة الفلسطينية. 4. الصراع الاسرائيلي – العربي الفلسطيني. له العديد من الكتب، ومنها: “رؤية معاصرة لحياة وأعمال المطران غريغوريوس حجّار”، “الكنعانيون أجداد الفلسطينيين”، “الأعياد والمواسم في الحضارة العربية”، “المؤسسة العسكرية في اسرائيل”، “الاستيطان الاسرائيلي”، “الخط الحديدي الحجازي”، “معجم المصطلحات والأعلام الصهيونية والاسرائيلية”، “اسرائيل الأخرى؛ نظرة من الداخل”، “مسافة بين دولتين”، “تاريخ الروم الكاثوليك في حيفا”، “شوارع حيفا العربية”،”المُغيبون؛ قراءة نقدية لكتب المناهج الاسرائيلية في المدارس العربية الثانوية”(كاتب مُشارك)، “حيفا الكلمة التي صارت مدينة”، “خارطة حيفا العربية”، “مئوية تصريح بلفور”، “عقيلة آغا الحاسي”، “التديُّن في مناهج وكتب التدريس في المدارس الاسرائيلية”، “يوم الأرض”، “كتاب المقالة في خلق الإنسان” لأبي الحسن سعيد بن هبة الله” (تحقيق مخطوطتين والتعليق عليها)، “قاموس تاريخ فلسطين” (بالانجليزية: The Historical Dictionary of Palestine) بالشراكة مع المؤرخ ايلان بابيه، و”غزة حجر الزاوية”، و”القدس في المحفوظات الملكية المصرية”، وأخيرًا دراسة مشتركة مع بابيه بعنوان “التضامن في اوقات الأزمات”، وغيرها. وتصدر قريبا دراسة جديدة بعنوان”طائفة الروم الارثوذكس في حيفا؛ تاريخ ومؤسسات”. وشارك ولا زال، في العديد من المؤتمرات في الوطن وخارجه ومن أبرزها مؤتمرات مركز اللقاء وحركة السبيل وجامعات بيت لحم ودار الكلمة وبير زيت والنجاح وكولومبيا في عمان والجامعة الاردنية وجامعة اليرموك – إربد وعين شمس في القاهرة ومركز العالم العربي في فرنسا وغيرها. حرّر مجلة “الكلمة” والتي تُعنى بالشأن المسيحي في فلسطين بين 1989 و 1997. كما وحرّر عددًا من الكتب الأكاديمية. وله العديد من المقالات والبحوث المُحَكّمة في دوريات عربية وأجنبية.
ويعكف حاليا على دراسة شمولية للانتشار المسيحي في فلسطين – الأراضي المقدسة التاريخية خلال القرن العشرين والربع الأول من القرن الـ 21.