حين يستيقظ الوحش النائم
إنَّ الظلالَ جزءٌ من أرواحِنا، مهما بلغَ نقاءُ القلوبِ. لابدَّ لكلِّ إنسانٍ من ركنٍ مظلمٍ يتذمّرُ فيهِ على الحياةِ، ويكونُ وليدَ طيشِهِ وتهوّرِهِ وقراراتِهِ السريعةِ، وحبِّ الاكتشافِ بداخلهِ الذي قدْ يقودُهُ أحيانًا إلى الجنونِ.
ربما يكونُ ذاكَ الجزءُ المُكشّرُ عن أنيابِهِ من شخصياتِنا اللطيفةِ، الركنُ الذي يخرجُ فيهِ جناحُ الشرِّ من ظهورِنا الوديعةِ.
تلكَ التجاربُ القاسيةُ هي التي أيقظتِ الوحشَ النائمَ بداخلِنا منذُ فجرِ أصحابِ الكهفِ. أنا أؤمنُ، كما النورِ المنبثقِ، أنَّ الجزءَ المعتمَ المتواريَ خلفَ مصاصِ الدماءِ في داخلِنا موجودٌ، لكنَّهُ يأخذُ سباتًا دهريًا حتى تأتيَ القاسيةُ لتوقظَهُ.
ينامُ فينا الـ “دارك” من عالمِنا المستميتِ. ينامُ في أعماقِنا أوجاعُ الخيباتِ التي أضحتْ قاتلًا متسلسلًا يهشمُ أرواحَنا بصمتٍ، في آخرِ لحظةٍ لإنسانٍ يُنازعُ الرمقَ الأخيرَ. ينامُ فينا الظلمُ المتكالبُ، فيُترجمُ وحشًا كاسرًا استيقظَ بنهمِ الجوعِ الفاتكِ لمعاييهِ منذُ آخرِ مرةٍ تصارعتْ فيها فصيلتُهُ معَ التنانينِ.
هلْ القلبُ الذي يُنهشُ منهُ كلَّ يومٍ في مأدبةِ العزاءِ الأخيرِ؟ هناكَ، على أطلالِ الجارحينَ والراحلينَ، نعم، أرى الآنَ الحزنَ يمزقُ جزءًا منهُ، يلتهمُهُ بتناثرِ الدماءِ. وهناك، الفقدُ يغرسُ الشوقَ سكينًا تجتزُّ ما بقيَ من معالمَ مُشوّهةٍ لقلبٍ حزينٍ، في أعمقِ نقطةٍ لظلامٍ بقلبِ وحشٍ يسكنُ الجزءَ المجاورَ لأرواحِنا المضيئةِ.