يَا لَيْلُ
أنَاجِي الرُّوحَ وَهِيَ بَعِيدَةٌ
تَلْهُو فِي صَمْتِي الْمَجْرُوحِ
آهٍ يَا لَيْلُ
صَمْتِي كَحَرِيقٍ فِي صَدْرِي
وَجُدْرَانُهُ تَكْتُمُ قَدَرِي
آهٍ يَا لَيْلُ نَوَافِذُ مُغْلَقَةٌ
وَأَبْوَابٌ صَامِتَةٌ
كَتِمْثَالٍ جَمِيلٍ
أُنَادِي وَكَأَنَّ السَّمَاءَ تَسْمَعُ صَوْتِي
وَلَا أَهْجُو أَحَدًا
بَلْ أَهْجُو كُلَّ النِّدَاءَاتِ
يَا لَيْلُ كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الظَّلَامُ
كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْخِصَامُ
كَمْ طَوِيلٌ هَذَا الْحُسَامُ
الَّذِي يَقْطَعُ شَرَايِينِي
يَا لَيْلُ لَا أُعَزِّيكَ
وَلَا أَثْرِي بِكَ
وَلَا أُعَزِّي إِلَّا نَفْسِي
مُرَادُكَ الْآتِي مَجْهُولٌ
وَعَتْمَتُكَ الْآتِيَةُ كَالْجُنُونِ
فَمَا بَالِي أَبْحَثُ عَنْكَ فِي عَتْمَةِ اللَّيْلِ؟
سَرَابُ الْمَاضِي مَسَرَّاتٌ
أَفْرَاحِي فِي الْمَاضِي رَحَلَتْ
كَالْوُرُودِ وَهَنَتْ، ذَبُلَتْ
يَا لَيْلُ لَا تُعَاتِبْنِي لَا تُشَرِّدْنِي
وَلَا بِصَمْتٍ تَحْتَوِينِي
أُنَاجِيكَ كَظِلِّي
يَرْقُصُ مَعِي يَحْزَنُ مَعِي
يَتَحَرَّكُ مَعِي
كَظِلٍّ تَرَكَ الدُّنْيَا وَأَتَى مَعِي
آهَاتٌ تَرَاكَمَتْ فِي آهَاتِي
وَهَمَسَاتٌ حَرَّى وَرَاءَهَا مَتَاهَاتٌ
فَأَيْنَ الْمَصِيرُ … يَا لَيْلُ ؟
وَحِيدٌ فِي غُرْفَتِي
بَابٌ مُغْلَقٌ
جُدْرَانُهَا بَارِدَةٌ
رِيحٌ تَطْرُقُ النَّافِذَةَ
كَأَنِّي فِي أَحْلَامٍ شَارِدَةٍ
آهٍ يَا لَيْلُ
أَلَا يَكْفِي ضَيَاعُ الذَّاتِ
بَيْنَ السَّفَرِ وَالْحِرْمَانِ وَالْأَنَّاتِ؟
لَا بَرْدَ فِي الصَّيْفِ
وَلَا أَنَا كَرِيمٌ كَالضَّيْفِ
لَا دِفْءَ فِي الشِّتَاءِ
وَلَا نِيرَانٌ تَحْمِي هَذَا الرِّدَاءَ
يَا لَيْلُ أَلَا تَكْفِيكَ الدُّمُوعُ
سَالَتْ مِنْ قَلْبِي الْمَوْجُوعِ؟
لَا يَرَاهَا الدَّانِي وَلَا الْجَانِي
وَلَا الَّذِي يَسْكُنُ بَيْنَ الضُّلُوعِ
آهٍ يَا لَيْلُ
كَمْ طَالَتْ فِي لَيْلِكَ السَّاعَاتُ
مَضَى الْعُمُرُ
وَهَنَ الْجَسَدُ حَتَّى النَّظَرَاتُ
إِلَى أَيْنَ تَرْمِينِي
بَيْنَ الْأَحْيَاءِ أَمِ الْأَمْوَاتِ؟
كِلَاهُمَا يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ
رَافِعِينَ أَيْدِيَ خَاوِيَةً
وَرَاءَهُمْ رَايَاتٌ
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية