شعور
لم أشعر بجدوى أيّ ممّا صنعته حتّى اليوم، الأمر الذي فاقم شعوري بالعبث.
تلقيت اتصالا من صديقتي تطلب منّي المساعدة، فابنتها في المستشفى، وبحاجة إلى التبرع بالدّم. انطلقت مسرعة إلى هناك، وتبرّعت لها بوحدة كاملة. أجريت العملية للصغيرة بنجاح، فسعدت وأنا أرى دموع الفرح بعيني صديقتي، وهي تحتضن ابنتها بلهفة.
في الصباح، اتصلت بصديقتي أطمئنّ على ابنتها، لكنّها أجهشت بالبكاء، وأخبرتني بأنّ ابنتها توفيت منذ ستة أشهر.
***
هو
سمعت قرعًا خفيفًا على الباب، نهضت ثمّ فتحته..
رحبت به بحفاوة. لكنّه جلس واجمًا، ثم بدأ يتكلم بهدوء، أخذ صوته يعلو شيئًا فشيئًا، وجسمه يرتجّ من رأسه حتى أخمص قدميه، ذكّرني بجميع أخطائي معه، وبالوعود التي قطعتها على نفسي تجاهه.. ثمّ أخلفتها. فجأة، صمت، ثمّ نهض وغادر من دون أن يلقي عليّ السلام.
تبعته حتى الباب، فوجدته مقفلا من الداخل، ولم أجد له أثرًا…
***
واقع
أشارت جميع الخرائط الجوية إلى حتمية تساقط الثلوج وتراكمها مع فجر ليلة الغد. اتخذت الاستعدادات كافة، زودت العائلة بكميّات كافية من الوقود والخبز والمعلبات وماء الشرب، وبكمية من اللحوم والدجاج والخضار والفاكهة، وبكمية من الكستناء والمكسرات.
استمر ّتساقط الثلوج أسبوعًا كاملا. من خلال النوافذ، راقبناه بشغف وهو يكسو الأرض ثوبًا ناصعًا، ارتفع أكثر من نصف متر، في خلوتنا الإجبارية التهمنا كلّ ما خزّنّاه من مواد غذائيّة. ومع مطلع الأسبوع الثاني أشرقت الشمس بنورها البهي. خرجت أنا والأطفال والزوجة نلهو بالثلج ونوثق هذه اللحظات النادرة الحدوث في بلادنا.
عندما استعرضنا الصور وأفلام الفيديو فيما بعد، لم يكن هناك أي أثر للثلج، كنّا نبدو في الصور كالبلهاء، الذين يلهون بلا شيء…
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية