* كل حزن عظيم يفسح مجالاً لسرور أعظم .
* قد تكون النهاية بداية ألم عظيم وأمل عظيم في نفس الوقت .
ان أكثر الأدباء من وجهة نظر نفسية ميالون للمرض أكثر .. وميالون أكثر للصحة في الوقت نفسه .. فهم أكثر اضطرابا ، قلقا، احتراقا من الناحية النفسية .. ولكنهم يملكون طاقة كبيرة من التأثير في الغير .. في المحيط الاجتماعي .. يحملون معاناة تجاه هذا العالم الخارجي .. ينالون الاحترام والتقدير والتمييز ومنهم المتعالي والمنطوي على نفسه والمتواضع .. الخصائص طبيعية وفقا للاتجاهات الشخصية … اتوجه من هذه المقدمة القصيرة الى قصيدة الأديب الدكتور بدرخان السندي ” يا فؤادي كلانا غزل منديل الحبيبة » التي تتجلى فيها الإصرار والطموح مع المعاناة الملتهبة ٫الشوق ، القلق ، ، الخيبة .. الألم والأمل .. [ غزلنا .. وغزلنا .. وغزلنا .. من خيوط الأفئدة ، من ألوان الورود من مكابدات الشجون ومن لحن الآباء والجدود ومن رموش الأطفال المحمولين على الأكتاف غزلنا … لكن … واحسرتاه ومائه حسرة .. جاء نسيجنا غير مكتمل . ] ، ( يقول شكسبير ) كثيراً ما يكون الهبوط أول خطوة في الصعود … ) فهل يا ترى يكتمل النسيج …؟ يهب المنديل لحبيبته الذي هو منديل الروح والقلب .. الإخلاص والنقاء .. البراءة والحياة الحقيقية الألم والأمل الذي يحيا في روحه وجسده لم يكتف السندي بخيوط الأفئدة وألوان الورد ومكابدات الشجون لينقلنا على أجنحة العشق وغزله الذي يبدو دون نهاية … إلى صور عشق صوفية … إلى خصلات «سلوى» التي هي ملهمة الشاعر الكوردي العظيم «الجزيرى ” فقد تغزل بها كثيرا بشعره الصوفي والمعتقد لا وجود لها .. فهي رمز صوفي .. والى الصخرة التي كان يتكئ عليها «الجزيري» يبث لواعج قلبه وهيامه. امتزج الماضي بالحاضر التقيا لكي ينسجا صورة ما صورة الحقيقة .. الحب التضحية الأبدية .. ربما يحاول أن يكمل نسيجه ” غزلنا .. وغزلنا … وغزلنا .. من خصلات شعر «سلوى» غزلنا أمام الصخرة التي كان الجزيري يتكى عليها .. غزلنا من الصلوات .. من الرقص .. لكن … وا حسرتاه ومائة حسرة عقد خشنة .. حطت بين خلايا النسيج … كانت طعن النسيج متفرقة وكان إن أتى النسيج كل النسيج مهلهلا تعوزه الدقة … فجاء نسيجنا غير مكتمل ] . هل يدخل اليأس في روحه أم يجد مع القلب طريقة أخرى ؟ اليأس يقتل الطموح ، الأمل .. يقتل كل شيء جميل في هذه الحياة وهو لا يريد أن يخسر حبيبته ويخسر نفسه في نفس الوقت لا يريد ان يخسر هذا المحراب الروحي الذي يحيا فيه الأمل … ” غزلنا .. وغزلنا .. وغزلنا .. من اجل الحسناء .. أدرنا المغزل و أدرناه .. الدرويش ” وه فائي قبج » شمزينان .. ) وهي منطقة في كوردستان على الحدود التركية الإيرانية ، انطلق منها الثائر الكردي عبيد الله الشمزيني ثائراً على غطرسة الفرس وعنجهية السلطة العثمانية ، الثمل .. المتشطح .. رقص على إيقاعات مغزلنا.. لكن وا حسرتاه ومائة حسرة .. عثر الدرويش فهوى وانكسر المغزل وانقطع الخيط … وجاء نسيجنا غير مكتمل ] .. إن ما يشعر به الشاعر من ألم النهاية .. هذه المحاولات التي لا تكاد أن تبدأ حتى تنتهي .. بمأساة محزنة .. لهو ألم يأخذ من الفكر مثوى ومن القلب بلاطاً .. .. ومن الروح سماء ومن الجسد أرضاً .. كل آهة تقلل من عمر الإنسان وتتضاعف … وكل حسرة كم تأخذ من عمر الإنسان وهي الأعمق والأشد تأثيراً ؟ يقول الشاعر .. جون فانس تشيني « : ما كان يمكن أن يكون للروح أي قوس غمام لو لم يكن للعيون دموع … ان خيبة الأمل والحزن في الحياة .. يصيبان الجميع ..” أدرنا بكرة الحرير … فطوقت زجاجة القلب .. كانت الخيوط تنبعث من الكبد ومن أعماق الصدور .. ولكن قبيل الفجر ومن كثرة السهاد نام أمير النساجين واقفا … فوا حسرتي .. ومائة حسرة .. جاء نسيجنا غير مكتمل ] . في كل مقطع .. في كل محاولة .. يكون السبب مختلفاً عن الآخر .. لكنه مرتبط مع بعضه كأنه يقول لنا كثرت الأسباب والموت واحد … هل اكتمل المنديل .. بعد هذه المعاناة هذه المحاولات …؟ ” يا فؤادي كلانا غزل منديل الحبيبة . . من الآمال الجريحة .. من حرقة البكاء للحبيبة .. للقبج .. في اليقظة .. في الكرى .. لكن .. ” أتوقف هنا إن كل حزن عظيم يفسح مجالا لسرور أعظم .. يا ترى هل بعد هذه الخيبة والآلام والأحزان .. سرور ؟ [ لكن ايها القلب المليء بالشجن والألم … يبدو أن منديل الحبيبة .. ما كان كما تهوى … .. فأزاحته عنها ورمته وا حسرتي ومائة حسرة جاء نسيجنا غير مكتمل ]. هذه النهاية المؤلمة .. بداية لألم عظيم وأمل عظيم في ذات الوقت ، قصيدة الدكتور الأديب بدرخان السندي ترجمها الأديب الكبير بدل رفو … ” يقول والت وايتمان ، أنا لا اعرف أناشيدي للظافرين فقط .. بل أعزف أيضاً للقتلى والمقهورين .. إننا نخسر المعارك بنفس الروحية التي نكسبها بها … فألف مرحى للذين فشلوا للذين غرقت مراكبهم في البحر والذين غرقوا هم أنفسهم في البحر ! “۰ .
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية