كلما أشرنا إلى الواقع الثقافي الحالي في بلادنا لا نملك سوى استعادة الماضي القريب وأسماء المشاهير الذين كانوا، وتظل الاتهامات معلقة بين مثقفين يرون بأن المتلقي قد تغير وانصرف إلى تقنيات التكنولوجيا، فيما يرى المتلقي أن التقصير والتسطيح وعدم قدرة المبدع على فرض نفسه هو سمة العصر.
الثابت أن غالبية مبدعينا العظام لم يتكونوا إلا في النصف الأول من القرن الماضي، حيث المناخ مختلف، والنظرة إلى الفكر والثقافة لا علاقة لهما بما نحن عليه في العقود الخمسة الأخيرة. فمنذ سنوات لم ننتج مثقفين قادرين على جعل الثقافة جزءاً لا يتجزأ من منظومة حياتنا، اللهم فيما عدد قليل انغلق هو الآخر على نفسه منذ فترة رافضاً كل ما حوله.
كل الأسماء الكبرى التي صنعت أمجاداً في القرن الماضي وتألقت في الستينيات والسبعينيات هي صناعة وتكوين عقود قبلها، وكلما فقدنا قامة لا نجد من يضاهيها، لا لشيء سوى أن صناعة الثقافة من أشد العناصر تعقيداً في أي دولة متحضرة، وهي صناعة لا علاقة لها بالمؤتمرات والندوات والفضائيات كما نتصور.