سرَّحتُ شعري
كان شعري أبيضًا
جعدًا يميلُ إلى الحياة
ومسحتُ وجهي من دموعِ صغيرتي
فرِحًا وتعلمُ أنني
إن غبتُ رجَّعني الطريقُ لقبلتينِ على الجبين
بعضي يغادرُني
وبعضي في عناقِ الياسمين
كي لا أسافرَ يسرقون حقيبتي
وتعللُ الأنثى التي أحبتتها:
في الليلِ طار قميصُكَ المبلولُ خلفَ رياحها
أتوسدُ الصفصافَ حين يذوب بي
وتذوب بي
حتى كراسي الحقلِ تعلمُ ما يخبئهُ العناق
كم لهفةٍ صُلبت هناكَ
وكم صلبتُ مواجعي بحكايةٍ؟
كم خصلةٍ بعثت إلى النعاعِ غصتها
فردَّتها إلى كتفي؟
هم يسرقون تذاكري
وجواربي
وأنا الذي في الظلِّ تضحكُني الألاعيب الصغيرة
طفلين كنَّا ننجبُ الأطفالَ في حمى الهجيرة
طفلين كنا
نعشق الدنيا
وهذي الأرضَ من قبلِ البنادقِ
والفيالقِ
والعيونِ البربرية
أهملتُ شعري
كان شعري أشيبًا
جعدًا ومهترئًا يميلُ إلى الممات
السارقون تسللوا للموتِ كرهًا
هم تباعًا في الليالي الماطراتِ
وخلفَ تلك الريحِ جاسوا في الظلام
لم ينتقم قرصُ الشموس من الشتاءِ
ولم ينم في السهلِ
تدفعهُ المروجُ الى الشروق
قد حلَّ في أرواحنا
ظلَّ الظلامُ
كما الشتاءُ
كما الحقائبُ
والضريبةُ من دماء الصامتين
وبقيتُ وحدي
إنني المشدوه من نورٍ بعيدٍ في حنايا الذاكرة
لا زلتُ أنقش ياسمينَ الحيِّ في الحجرِ العنيد
وحدي ومن رحلوا تباعًا يطلقون الأمنيات
تلك الإشاعات البغيضة فانظري للموتِ إني
لا أخافُ الموتَ
أفتحُ مثلما فتحوا جراحي ناظريَّ
الموتُ يسكنُ في شقوقِ الوجهِ
يتركني ليعلمَ قاتلي ما كان من أمسي
أنا الآتي
أنا في آخر الأنفاقِ منزوعٌ من الماضي
من الإنسانِ
من عينيَّ
من أملي وتاريخي
أنا المنزوعُ من حلمي
ومَن حلِموا
أنا صمتي
وخلفَ الريحِ كانت تُعدمُ الكلمات