فن القصة الومضة هو فن مستحدث ، ولا فضل لأحد أن يدعي بأنه من ابتكرها … هذا الهراء بعينه … بداية ظهور القصة الومضة ظهرت بظهور وسائل التواصل الاجتماعي ، حيث لاحظ كتاب الفيسبوك أن الجمهور لم يعد له وقت لقراءة المطولات والملاحم فهو جمهور يريد المختصر المفيد سواء شعراً أو قصة ؛ ولهذا بدأت القصة الومضة مجرد كلمات قليلة بقصد الحكمة والعظة والاختصار ، وهذا لا يكلفنا قراءة أكثر من ثوان معدودة … ثم تحولت وتطورت بشكل عفوي بسبب التسارع التقني وبروز الكتاب واندفاعهم للظهور، إلى قصة ومضة لا تتجاوز الخمس كلمات ، وكلما قلت القصة الومضة بعدد كلماتها وإيصال هدفها كلما كانت قصة ناجحة بكل المقاييس لقدرة كاتبها على التكثيف بحيث يغلِّب المعنى على اللفظ ،وليس العكس كما هو حال القصة القصيرة جدا أو القصيرة ، وعندما أصبح للومضة جمهور ومشجعون ومسابقات بدأ البقية بالتقليد والمحاولات والمنافسة بنيل الجوائز المعنوية ، حتى انتشرت على نطاق فيسبوكي واسع… ، من يضع قواعد لكتابة القصة الومضة عليه ذكر الأسباب التي بنى عليها قواعده وتحكيمه لتلك القصص ، وحتى هذه اللحظة لا يوجد قوانين تضبط القصة الومضة ، وما زال الكثيرون يستخدمونها بشكل خاطئ ربما لاختلاف لجان التحكيم واختلاف الأهواء والمزاجيات ؛ حتى لجان التحكيم لا تعرف مفهوم القصة الومضة الحقيقي وإن ظهرت بعض القوانين هنا وهناك فهي ليست كافية ، وكوني محكم لأعمال القصة الومضة ، فأنا أعاملها معاملة القصة القصيرة جدا مع بعض الإضافات والتشديد وتقويم العمل بمنظور عادل .القصة الومضة يجب محاسبة كاتبها على كل حرف وليس كلمة ؛ لهذا فلا مجال للخطأ أي كان سواء إملائي أو نحوي أو غيره ، وحتى نقوم قصة الومضة فعلينا أن نبدأ بالعنوان أولا كونه المدخل بل إنه يشكل كل القصة كاملة ، فهل العنوان مثير للذة القراءة … ثم ننظر للتكثيف اللغوي والصور البيانية مع سلامة اللغة والنحو ، والأهم من ذلك كله استخدام علامات الترقيم بشكل صحيح ؛ لأن النقطة هنا تغير المعنى بأكمله ، وهذا ينطبق على بقية علامات الترقيم مثل الاستفهام والتعجب.
علينا الإقرار انَّ من يتجاوز نصف السطر ، فهو كاتب فاشل وإذا لم تكن النهاية مفاجئة وغير متوقعة فهو أيضا كاتب ومضة فاشل … وإذا لم يقم بتشكيل الكلمات الملتبسه ، فهو أيضا فاشل. التشكيل الحرفي ضروري جدًّا ولا مجال للخطأ فنحن لسنا أمام معلقة ولا رواية حتى نجد أعذارًا ، وأخيرًا فإنَّ تحول القصة الومضة لحكمة أو عظة يقلل من شأنها. ويجب علينا أن نهتم بعصرنة الطرح أو الهدف ، فالحداثة هنا مطلوبة ولا سبيل لطرح قضايا طواها الزمن لدرجة الملل والسذاجة ، فإذا تحدث أحدهم عن موضوع متكرر أو تقليدي او مصاغ بطريقة أخرى فهذا كاتب فاشل أيضًا ، كما يجب أن تُعاصر القصة الومضة اللحظة فنحن في عالم متغير كل لحظة ونستطيع استراق الحدث في لحظته ، ولا بدَّ لي من الإشارة أنَّ ومضات رابطة أدباء القصة الومضة تحت إشراف الأستاذ القاص حسن الفياض والكاتبة اللامعة هبه أحمد خصن من أفضل وأدق قصص الومضة التي أقوم بتحكيمها عن بقية الرابطات .
بقلم : أيمن دراوشة / الدوحة