في الخمس دقائق الأولى، والخمس سنوات الآتية منذ ذلك الحين، أجدك ترقصين على نغماتي، عند الوهلة الأولى وأنت تشقين طريقا إليّ بثبات، لا يهم إن كنت مرتدياً لثوب غير ثوبك، محتمياً في ظل ليس ظلك، فالذي جذبني إليك أشد من الغطاء الزائف، مهما كان المكان هادئ لا تصله أشعة الشمس، إلاّ أنه يبقى عرضة للتقلب عندما تغير مسارها، حينما تسبح في فلكها مشرقة في مكان آخر مختلف على ما كانت عليه بالأمس، حينها ترسل أشعتها للمكان المظلل، ترسمه في حلّة جديدة مرة أخرى بقلم ضياءها مازجة ألوانا حمراء برتقالية فوق بنفسجية على أرصفته، لأن الذي جذبني إليك أشد من الغطاء الزائف، فهل كنت خائناً إلى هذا الحد؟ لأني أعرف المتجرد من ملابسه هو الأجدر بالبحث عن شيء يتوارى به، فلماذا أبحث عن الماء وأنا القاطن في البقعة المحادية من جانب البئر؟ وأنا المهرول وسط عاصفة و برق وخيوط المطر، تقسوا على النبات أكثر من سقيها. إنّي أجدني أُُسْلب قطعة قطعة من طاقة لا حول لي ولا قوة لردها، أذلك الثوب الذي كنت أرتديه بدأ يصغر ويضيق من حجمه؟ أرى شمس في سمائي تكشف الظل أكثر من الغطاء الزائف. أرى في سماء وطنك فقط علم طفلي يرفف. لئن كنت على دراية بماضِِ وضع بيننا جداراً له نافذة واحدة، لسلمت نفسي إليك قبل أن تأخذينني بعنفك الجميل، بشعبك وجنودك وسلاحك، من سلطتك كلها المستمدة من نور الكرة الملتهبة، ما عدت أهرب من عدالتك، حتى لا تزداد التهم على عاتقي، ويأتي الفرار من وراء الخيانة، لأكبد نفسي عناء القيود، وأرخي بها في حالة عود، أتعاقب ضِعف عقابي الذي أستحقه، سأستسلم لك وأعلن عن رايتي البيضاء لأكون تحت نظام حمايتك.. ربّما اجتمعت وثائق وأشياء كثيرة عجزتُ عن سداد ديونها الباهظة، جعلت منك طرفا مباشراً دون جزية يتمدد في بقعي كامتداد الدولة العثمانية في القرن السادس عشر، وها أنت تمضي إليّ بإمضائي، فإنّي نازع سلاحي، واقع في عشق ملكة استعمرتني.. فهل خيانتي أشد رداءة من ذلك الغطاء ؟