صوتي ليس جميلا
لكنه يصلحُ للشعر
وللشعر حكايا في دمي
كنتُ صغيرًا
أصغرَ من أن أفهم شعر نزار
لكني رددت (ككورالٍ) ما كان يذُّوب في دنياي إذا أغرب
كنتُ صغيرًا
لا أعرف شكلَّ الضمة من نهد الأنثى
لا أعرف إن كان الموجُ على الأوراقِ حقيقيًا أو وهم
إن كان سيغرقها يومًا إن شذَّ الوزنُ على الإيقاع
لا أتقن إلا الشعر
أمي تعلمُ ذلك
أستاذ اللغة العربية يعلمُ ذلك
وفتاةُ الحارة حين عشقتُ ضفائرها
وسرقت القبلةَ من فمها وهربت بعيدًا
تعلم ذلك
لا أتقن إلا الشعرَ
ولم ألحق حلمًا إلاه
تخبرنُي أمي كيف بكيتُ قصيدًا حين أتيت إلى الدنيا
تخبرني كيف حبوتُ إلى ديوان جرير
وكيف أكلتُ الورقَ تباعًا
والجارةُ تخبرني عن طفلٍ غنَّى بنشازٍ في الليلِ رباعيات الخيام
الدايةُ تكذبُ حين نفت فلسفةَ الحبر على جسدي
والحبرُ وأمي وأنا نعلمُ أن الحبرَ على ثوبِ الدايةِ مني
كان صديقي
سرتُ وسارَ فلا يعلمُ أحدٌ منَّا عن سرِّ العشقِ الأزلي
أرسمُه كيف أشاءُ
ويرسمني إن شاءَ بلا قيدٍ أو شرط
لا زال يحرضني أن أهرب مني
لا زال يُكسِّرُ قافية الحزنِ على شفتيَّ
ويرفضُ ترميمَ الحيطانِ بداعي الموروثِ القبلي
قد كان صديقي
أو أني القابعُ فيه بهذا الجسد وهذي الروح
هل أجهلُ كيف يجيءُ الشعرُ
أم يجهلُ شعري كيف أجيءُ إليه قبيلَ نداء الحرف علي؟
لا أتقن أن أتنفسَ إلا أن يستنشقَ من رئتيَّ هواه
لا أتقن أن أتكلمَ إلا في حضرةِ عينيه
يخبرني حدسي أن القادمَ لن يتعدى أمسي
يحملني بيتُ أبي تمام للأدبِ وللفقرِ على راحلةٍ مذبوجة
مِن هذا المسِّ أحاذرُ أن أتخبطَ لكني أنتفضُ وحيدًا
من هذا السجنِ أحررُ نفسي ثم أعود لسجاني
وأعيدُ القيدَ وأجلسُ في الزنزانةِ فرِحًا أن عدتُ لسجني
مخمورٌ هذا القلقُ الجاثمُ فوق خيالي
وسعيدٌ هذا الحزنُ بقافيةٍ ترسمهُ بطلًا في أضعفِ حالاته
ليسَ جميلًا أن تترك للحزنِ الوردَ
وللصحراءِ بأن تمدد في ذاتٍ منهكةِ الآتي
ليس جميلًا أن تسكنَ صمتك خشيةَ أن تسمعك الريح
إن الأرضَ
الشجرَ
البحر يغني
غنِّ
صوتي ليس جميلًا
لكنه يصلح للشعر….