شاعر عراقي كبير يقود فرقة مصرية كبيرة على مسرح دار الأوبرا
بقلم الناقد حسين عوف
مصرُ قلبٌ يعربي
أوّل أوبريت باللغة الفُصحى، شِعراً
شاعر عراقي كبير يقود فرقة مصرية كبيرة على مسرح دار الأوبرا المصرية قلعة الفن في مصر كلها.
…
انطلقت فعاليات اوبريت(مصر قلبٌ يعربي) في 15آذار2018على مسرح دار الأوبرا المصرية، في نقلة نوعية تجديدية حقيقية لنوع من الفنون الادبية والفنية الذي ظهر منتصف القرن التاسع عشر حتى عشرينات القرن المنصرم، فكان عملاً جديراً بكل التقدير بأعتباره أول عمل عربي يكتب باللغة الفصحى شعراً،استندت فكرة العمل الأدبي الرصين للشاعر العراقي المعروف عباس شكر بتوجيه رسالة غاية بالصدق والحرص على التمسك بشعور الشعب العربي الواحد في إطار القومية العربية التي تحفظ كرامة وإنسانية المواطن العربي في كل أقطاره، وتوجيه الرسالة بالذات للجيل الحالي والأجيال القادمة بأن لاينسوا او يتناسوا قوميتهم ووحدتهم على مستوى الواقع والعمل الجاد والموقف الموحد، والامة العربية قادرة على ذلك اتجاه من يريد محو عروبتها وتاريخها وامجادها ومايمكن أن تؤديه من دور إنساني على صعيد الوجود الإنساني قاطبةً.
وكما هو معروف، ان الأوبريت هو نوع من المسرحيات الغنائية شاع في فترة اواسط القرن 19حتى القرن 20،والذي تطور من الأوبرا الهزلية الفرنسية، لكنه يختلف في احتوائه على حوار كلامي بدلاً من الحوار الغنائي، وعلى أغاني بدلاً من الألحان، والأوبريت غالباً مايكون خليطاً من أغان منتزعة من العرض، وليس شيئاً مؤلفاً مستقلاً كما هو الحال في الأوبرا، وأصل كلمة operertteايطالية كصيغة مصغرة للأوبرا، تتميز بوجود مقاطع حوارية. لاتصاحب بالموسيقى عادةً وهذه صفة الشكل الغنائي الآخر ويسمى ميوزكلMusical،والذي غاب عن الفنون العربية ولم يعد له ذلك الحضور والحماس لدى جمهور التلقي.
لكن الذي يلفت الإنتباه الى العمل الكبير الذي قام به الشاعر العربي/العراقي القدير عباس شكر والذي عاش في مصر قرابة12سنة، استطاع بما يملك من احساس وشاعرية ورؤية ثاقبة وبمعاونة نخبة من الرموز الإبداعية المصرية مثل مخرج العرض الأستاذ هاني داود، والفنان الكبير الملحن والموسيقار د. أحمد السيد بمعية أ. ابراهيم عبد الباري /الة الساكسفون، وأ. مصطفى كمال، على آلة الأورج، وعلى الطبلة أ.حمدي، وعلى الدف الأستاذ صلاح، والمطربين أ.ماجد محمود، وأ. علي فوزي، والشعراء المؤدين إلقاءً،الشاعر هاني داود، والشاعر نادر أبو باشا، والشاعر أمل حجاج، والشاعرة سهام الوهيبي، وكذلك الأطفال المؤدين بإحساس عال ومذهل الطفلة نورهان أبو باشا، والطفل حسين أبو باشا…
ليقدموا جميعاً عملاً إبداعياً حقيقياً تفاعل معه جمهور الحاضرين وبشكل يوحي ان المتلقي بحاجة لمثل تلك الأعمال الكبيرة وهي تعيد لذاكرتها اوبريت محمد عبد الوهاب موسيقار الأجيال في اوبريت وطني حبيبي الوطن الاكبر، لكن المختلف هذه المرة، ان الشاعر العراقي الكبير الأستاذ عباس شكر كان هو بطل المشهد من خلال الفكرة العظيمة وتبنيها وتنفيذها ودعمه الشخصي لوجستياً ومادياً،بحوارية من اعمق مايكون، بحيث جعل مصر الحاضنة لهموم الاقطار العربية المنكوبة، فكل قطر كان يطرح معاناته على لسان الشاعر، باعتبار الشاعر يمثل نبض الشارع وضميره الحي وحامل همومه وطموحاته، فنجح الشاعر بإيصال اعماق الفكرة مما جعل الجمهور ينفجر تعاطفاً وانسجاماً مع كل مقطع، العمل/الأوبريت، كان بحق تجسيد حي لعرض واقع يحتاج لوقفة نبيلة بإمكانها ان تقف سداً منيعاً أمام التحديات التي تواجه وجود العروبة ومستقبلها، لاسيما وأن الوعي الحقيقي والذي استطاع الشاعر من أن يثوره في نفوس الحضور كان وفق أسس وطنية وقومية وانسانية يمكن لها ان تعمل وتفعل فعلها المؤثر واعتبار مايمر به الوطن العربي هي الحالة الطارئه والمنبوذة أزاء حقائق التاريخ وماضي العروبة وامجادها.
كذلك لابد من الإشارة الى ان الشاعر استطاع بطريقة السهل الممتنع ان يلج العقول قبل القلوب، فأحدث انسجاماً بين اللفظ والمشاهد التي اعدت بإتقان كي ترتقي لمستوى هذا العمل الكبير فكرةً ولغةً وشعراً ورسالةً من أعمق وأصدق مايكون.
ختاماً تحية لشاعرنا القدير وفخر الأدب العربي الرصين الأستاذ عباس شكر ولكل كادر العمل الذين قدموا عملاً كبيراً تحت عنونة الاوبريت، والذي اعاد بحق هذا اللون الادبي والفني للحياة.
مبارك ايضاً للذين تعاقدوا مع مؤلف ومنتج العمل الاستاذ عباس شكر ،أمين عام تجمع شعراء العمود والتفعيلة وعضو اتحاد كتاب مصر، حيث سيتم عرض الاوبريت على أربعة مسارح اخرى كدليل لنجاح هذا العمل وما احدثه من صدى ونجاحات على المستوى الفني والجمالي والرسالي. وكذلك الدعوات التي وجهت له من اقطار عربية اخرى عبر مندوبيها من الإعلاميين والصحفيين والأدباء.