مرة أخرجت وطنا من جيبي
ربت على كتفيه
وتأبطه إلى المقهى
طلبت له شايا ونرجيلة
من قوت الأولاد ،
وكان من الممكن أن أدعه
يهزمني في عشرة طاولة
– كما يهزمني في أشياء
أخرى كثيرة –لو أراد ،
عرجنا على حكايات شتى
سقت له قطعان وجعي
قطيعا فقطيع ،
وأخبرته
كيف أسير في الحياة
محتميا بسحابة من أصدقائي الطيبين
الذين لا يصدقون الكلام المرسل
حتى يكون حقيقة شاخصة للعيان
ولا يلتفتون إلى تصريحات المسئولين
إلا باعتبارها نكاتا سوف تتبلور فيما بعد
كما أنهم كائنات خرافية خارج الزمان والمكان .
ذكرت له حكاية العجوز التى كانت
تذوّب لنا محبته في ماجور العجين ،
وتنضجها على جمر قلبها .
وعن الولد الفلاح
الذى ترك غيط أبيه ،
وأمه التى تكمل عشاءها نوما ،
وابنة على ثدي زوجته
ليعود إليهم بين علم ووعد مسئول
بأن يطلق اسم الشهيد
على ماكينة الطحين بالقرية .
وعن الحكومة التى صرت بالنسبة لها
كائنا غير مرئي
لدرجة أنني لا أستطيع الآن
أن أقدم له رغيفا
كما يمكنني أن أتركه فريسة
للنادل وصاحب المقهى .
آفاق حرة للثقافة صحيفة ثقافية اجتماعية الكترونية