تك..
تك..
تك..
ثوانٍ قليلة ويرنّ الجرس
جرسُ حياتك أيها البائس؛
ويطلبون منك تسديدَ جميع فواتيركَ
دون أي حسمٍ أو تخفيض
ويسحبون منك جميع أوراقك
ويأمرونكَ بوضعها بهدوءٍ على طاولةِ موتك الأخير
بينما أنتَ مشغولٌ بتنظيف ظهرك
من الخناجر والسكاكين
وشظايا قذائف الهاون
لا لشيئ..
فقط لكي تعيدهُ_أي ظهرك_
نظيفاً..عارياً..كما استلمتَهُ عند ولادتك الأولى؛
أيضاً
سيسألونَكَ عن البقع السوداء في رئتيك؟!
وعن قلبك المثقوب
الذي يرشح دماً من كلّ زواياه؟!
سيوبخونَكَ على أسنانك السوداء؟!
تطأطأ شيئاً يشبهُ رأسك, وتتنهد..
وبينما أنت بكامل إرادتك المسلوبَةِ مُسبَقاً
مسبقاً-منذُ ولادتِك أو حتى قبل ذلك-
تضع مفاتيحَ عُمرك الصّدئة على نفس الطاولة
طاولة موتِك الأخير..وتُفكّر
تُفكّر, كيف ستقنعُهم بأنّ الصيدلانيّ في حارتِك
قد طَلبَ مبلغاً خرافياً ثمناً لفرشاة الأسنان
التي اشتَريتَ بدلاً منها خبزاً يكفي عائلتك لأسبوع
وبأنّكَ نباتيٌ بالفطرة
لا تمتلكُ ثمن اللحوم والشحوم
وأن ثقب ورشح قلبك لهما سببٌ آخر
وبأنّك لسبب ما
لا علاقة لك بهِ
لم يكن لديك يوماً
مالاً فائضاً عن خُبزك
لتشتري بهِ علبة سجائر
قليلٌ من الوقت
وسينتزعون عنك ثيابك البالية
وحذائُكَ الفاغِرُ فمهُ دائماً
والطاقيةُ التي تداري بها صَلَعَ رأسك
وأيضاً سينتزعون من ذاكرتَكَ جميع الوجوه
التي أحبَبتها؛وربما أيضاً تلك التي أحبَتك
لتعودَ إلى مقعدك عارياً منك
وأصلع الرأس والذاكرة
تجلسُ منتظراً حُكمَهم بموتِكَ الأخير..
أنت الآن لا تدري كم يلزمُك من الأَيْمان
ليصدّقوا أنّ هذا الجسد ليس جسدُك
الآن فقط
تدركُ جيداً أن هذا هو موتُك الأخير
تتذوق طعمه بحذر
لتتفاجئ بأنّه
الأَرهَب
الأبرد
والأكثرُ ظلماً من بين جميع ميتاتِك السابقة
تتمنى لو أنهم فقط
يسمحون لك بوقتٍ “بدل ضائع”
ترجوهم..
قليلاً من الوقت فقط
لتبصُقَ من عُلوّكَ هذا على العالم
العالم الذي لم يُنصِفك حياً ولا ميتاً
ترجوهم…
قليلاً من الوقت فقط
لتُدخّن سيجارةً واقفاً على شُرفةِ موتِك الأخير
وأنت تتفرّجُ بأسىً
على شريط خيباتِك
بينما تكون القصيدةُ
التي كتبتَها ذات يومٍ
على الشُرفةِ المقابلةِ لموتك
“على شُرفةِ حياتِها التي منحتَها لها”
قد انقلَبَتْ على ظهرها من شدّة
ضحكها عليك.