كتب إبراهيم موسى النحَّاس:
في ديوانها الشعري الجديد “كلمات مسافرة”تُقدِّم لنا الشاعرة حورية آيتإيزم رؤية تقوم على تعظيم واحدة من أسمى القيم الإنسانية وهي الحُب, ذلك الحُب الذي تتسع دائرته لتشمل كل شيء الحبيب والوطن والعروبة والناس, ليصبح الحُب في معانيه المختلفة محور الرؤية التي يقوم حولها الديوان منذ بدايته إلى آخر قصائده, وفي قصيدة (سأحَلّق بين حروفي) تربط الشاعرة بين الحُب وعناصر الكون والطبيعة فتقول: ((سأكتبها وأنثرها وأعلنها فوق السحاب\ مع الريح\ مع حبَّات المطر\ سأخبر كل البشر\ بأنِّي أحبُّك)).
وحتى لو واجهت الذات الشاعرة الحزن والمعاناة لكن يبقى الحُب رغم ذلك الحزن وتلك المعاناة التي ظهرت في قصيدة (كلما حاولتُ نسيانك) حيث تقول: ((جئتُ لأرى وجهًا غاب عنِّي\ جئتُ ولكن خاب ظنِّي\ فما وجدتُ إلَّا بقايا امرأة\ يعلو وَجْهَها بعضُ السراب)).
كما تتسع دلالة الحُب لتشمل الوطن, ففي قصيدة (نوفمبر) – شهر الثورة الجزائرية المجيدة – تعلن حُب الوطن والتضحية حتى بالروح في سبيله فتقول: ((طريق نوفمبر مُعبَّدٌ بالشهداء\ تحكي قصصهم النجوم بهمساتها والقمر\رفعوا راية الانتصار في وجه الأعداء\ خطى الشهادة اتَّحدَتْ في هذا اليوم الأغر\ نموت جميعًا …ويحيا الوطن)).
وعلى المستوى الفني نلمس توظيف الشاعرة للغة القائمة على الحكاية والطابع القصصي, حيث ترسم مشهدًا أو صورة كلية يمكن تخيلها بكل تفاصيلها, كما في قصيدة (قاضي الغرام) وقصيدة (جرْجي) التي تقول في مطلعها: ((خلف جدار غرفتي\ وعلى طاولة الانتظار أضع حقائبي\ وأحدِّق مَرَّة خلف ستائر نافذتي\ ومرَّات إلى ضوء هاتفي\ هواجس ألمَّتْ بي وأخرى آلمتني\ ما طاب جرحي وما فُتِحَتْ حقائبي)).
نجد كذلك توظيف لغة المفارقة للتعبير عن رؤية الشاعرة كما في قصيدة (الأنا) حيث تقول: ((الفرق بيننا: أنتَ تكتبني هناك\ وأنا أعيشك هُنا\ تسأل عن الحروف وأسأل عنك الأنا\ تدخن سيجارتك ويحرقني دخانها\ تتنفس الكلمات وأتنفسك أنا)).
كذلك توظيف اللغة القائمة على التكثيف الدلالي مثل قصيدة ( بين ما أريد وما تريد) التي تقول فيها: ((بين ما أريد وما تريد\ رشفات من القهوة تحتسيها على عَجَل\ وألثم الفنجان خلسة في خجل)).
تبقى نقطة انتهاء بعض الأسطر داخل القصيدة بنفس الحرف مِمَّا يحد من وجهة نظري من تدفق الإيقاع الموسيقي ويخلق نوعًا من الرتابة في البنية الموسيقية للقصيدة أحيانا, مع معاناة بعض النصوص من المباشرة في التعبير وتلك المسألة أختلف فيها مع الشاعرة ,لكن هذا لا يقلل من الجهد المبذول في كتابة هذا الديوان الشعري الذي يرفع من قيمة الحُب كمحور للرؤية وأساس للحياة.