ولادة شاعر / بقلم : موفق السلمي / ريف تعز

..

 

يا إلهي ! إن شِعرَه يسكر ، وهو ما زال فاكهة ، فكيف به لو تخمر ، كيف بذلك الشعر لو عرض على ماكينات اللحن والطرب !.

إنّ قصائده قلائدٌ من ذهب ، هكذا يبدون أمام عيني ، أرى ناظمهن وكأنه هذليُّ قح ، هذا وسفينته لم ترسُ على شاطئ البحر بعد ، فكيف إذ رست!.

 

أحمد عادل السلمي ، هو من أنشأ تلك القلائدَ من العدم ، هو ذلك الشاعر الملهم؛ الذي لم نسمع به بعد ، ووالله لقد باتت أشعاره تسهرني منذ شهر تقريبا ، أتمعن في الألفاظ ؛ فأزداد شغفا بها،أحاول أن أبحث عن أخطاء ، فتخجلني علامات الترقيم والتنصيص اللاتي وضعت بين جنباتها ،وقد وضعت كما توضع أحجار الياقوت في عقود الذهب..

 

شاعرنا اليافع ،أحد أبناء العمومة؛ الذين أسعى جاهدا للتقرب منهم ، والسماع لحكاياهم وأدبهم..

ولد الشاعر ونشأ وترعرع في قرية لا تعرف لسانها اللام القمرية البتة ، وهذا ما يجعل الكثير يتهمه بسرقة هذا الحبك والسبك ، لكن وكما يبدو لي وحسب نظرتي الشخصية القاصرة ، أن ابن تلك القرية سيأتي بما لم يأتِ به الأوائل..

 

لأحمد معشوقة أسماها ” بهاء ” ولعله سيكون مجنونها ، قال لي ذات مساء : ” أنها زميلته في جامعة العلوم ، وكلاهما يدرس محاسبة ، وسيخطبها عما قريب “..

يا ربي لا تجمع بينهما أبد الأبد ، لا نريد لقلم أحمد بعد سله أن يعود إلى غمده ، ..

 

يقول أحمد في قصيدة له:

 

الليلُ في خديك نورٌ ساطعٌ

والشمس من عينيك فينا تشرقُ

 

كل الثِّمار على خدودكِ أينعت

وسناك يزهر في الفؤاد ويورقُ

 

البدر يكبو نحو طرفك خاضعٌ

وأمام عينيك البـهـا يتملقُ

 

ثم يسائل معشوقته “بهاء” عن مصادر جمالها الأخّاذ ، باستغراب شديد ، قائلا :

 

من أين هذا النور فاتنتي سرى

من أين هذا الثغر ، هذا المرفقُ

 

ثم يعود إلى رشده ، وينسب فضل تشكيلها وخلقها لله رب العالمين، يتابع ويقول:

 

وكأن ربي حين أبدع خلقها

جعل الجمال على الملامح مُطلقُ

 

فالطير رفرف ، والبلابلُ زغردت

والرَّوض أزهر ، والملائكُ صفَّقُ

 

يا لروعتك يا أحمد ، ماذا أبقيت للشعراء من بعدك؟!..

حقا يأ أحمد أن الطير مع البلابل رفرف وزغرد ، والروض أزهر ، والملائك هبطت وصفقت ، لكن ليس لجمال معشوقتك ، ولا لرؤيتها ، بل لجمال شعرك ، وسماعه..

فهنا يا أحمد كل الكائنات تحتفل بولادتك بهذه الشاعرية العشقية الفذة ، لا سيما في هذا الظرف العصيب الذي يمر به يمننا الحبيب ..

 

وعودة لتلك القصيدة تجد أحمد يبالغ كثيرا في جمال بهاء ، وقد قال : أن الضوء من إشراق وجهها يكاد يخجل ، والشعر لذلك البهاء يتصبب عرقا ، والبدر ينزوي ويختفي في دياجير الظلام…

 

ماذا أحدثُ عن جمالك مُنيَتي

والضوء من إشراق وجهك مُطرقُ

 

والبدر في ثغر الليالي ينزوي

والشعر من فرط الحيا يتعرقُ

 

ختم شاعرنا هذه القصيدة، والتي لم يضع لها عنوانا ، موضحا سرا من أسرار ولادته كشاعر ، بالقول:

 

ما كنتُ قبل هواكِ أعرفُ نطقهُ

واليوم فيك روائعٌ تتفتَّقُ

 

إن كنتُ متَّهماً بحُبَّك يا لها

من تهمةٍ يزهو بها من يعشقُ

 

فلأنتِ نورٌ قد كملت محاسنا

وأنا بحبك ( دعبلٌ ) و ( فرزدقُ )

 

ختاماً، احمد شعرك يذكرنا كما قال أستاذك شوقي بالمتنبي ، ناهيك عن دعبل والفرزدق ، والفضول قد بُعث في شعرك ، وأيوب سيغني لك إن لم يمت..

 

 

عن محمد صوالحة

من مواليد ديرعلا ( الصوالحة) صدر له : كتاب مذكرات مجنون في مدن مجنونة عام 2018 كتاب كلمات مبتورة عام 2019 مؤسس ورئيس تحرير موقع آفاق حرة الثقافي .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

error: Content is protected !!