أولا النص
*
زائر ..
ترقبته طويلا ..
ليفتح مسام القلب .
ويتجلى بين جدران
النبض
زرعت له الحرف
.في محراب الكلمات
وترقبته يأتي في مسار
الحلم
كأمير ساحر يبعثر
كل خطايا الأمس
ويلملم كل تفاصيل
اللحظة
أنت ..أيها المتعنت
دوما
العنيد القابض علي
سيف الرمش
يكفيك …تعثر .وسرحان
في دروب الغير .
هنا محرابك ..أين ستتربع
على جمرات القلب
كن شمسي الحارقة للوهم
وقمري المنير للهفة الشوق
فلا تتكبر وتتجبر ..وتهلك
قلوع الود …وتـــرحل
ملك
ثانيا انطباعي
***
حيث عنونت نصها بالعنوان زائر، لتضعنا أمام عنوان متعدد الرؤى، فهل ذاك الزائر هو من يأتي غفلة دون إرادة مننا؟ ولا نعرف متى يأتي؟ أو كيف يأتي؟ ولم يأتي؟
أم أن بطلة النص تنتظره بشغف؟! وهذا ما يجعلنا نلج داخل نصها المفعم بالرجاء والتمني والأمل المشرق، لنتفاجئ بأنها تترقب مجيئه ليروي شرايين القلب وحقول جسد جدباء أعياها الظمأ والانتظار، وهذا واضح جلي حيث ترقبته طويلا لينعش حياتها ويجدد الأمل بعد سنوات من اليأس والحرمان،
الانتظار مؤلم والنسيان مؤلم أيضا، لكن معرفة أيهما تفعل هو أسوأ أنواع المعاناة.
ربما هي ترفض الحب لأنها لا تجيد لعبة التوسط، فحين تحب تغرق كلها وتنغمس في الانتظار، تحترق اهتماماً ولهفة، تفقد ذاتها، لهذا صارت تختبئ من الحب بين رفوف الكتب، وأسفل طاولة المقهى ووراء الباب وخلف الصحيفة و تدسُّ عينيها في فنجان القهوة كلما حاول رجلٌ استراق نظرة منها.
الانتظار محنة، وفي الانتظار تتمزق أعضاء الأنفس، ومستقبل الحب يرتكز على مقدمات واضحة ولكنه يحمل نهايات متناقضة،
فليعب كل ملهوف من قدح القلق ما شاء.
الانتظار عند المرأة ليس وقتاً ضائعا! إنه وقت مليء بالإحساسات والحكايات، فالمرأة تنظر مفتوحة العينين على كل شيء ومفتوحة الأذنين أيضا، والذي تلمحه المرأة في لحظة، لا يدركه الرجل في ساعات.
في الانتظار، يصيبها هوس برصد الاحتمالات الكثيرة وظنون عدة،
وما أطول ساعات الانتظار وأنت تجلس وحيدا تحدق أحيانا في وجهك وأحيانا أخرى تنظر للهاتف في عتاب
إننا نعيش لنهتدي إلى الجمال وكل ما عدا ذلك هو لون من ألوان الانتظار.
لكن هل البطلة مستعدة لاستقباله للمكوث معها أبد الدهر ينعم بها حيث ماتملك من حب وشوق وجنون وفداء،
أم أن لقاء عابرا ينتهي مع بزوغ فجر الحب فيتملص هاربا لبائعات الهوى أو ربما لأخرى تحبه أيضا طالما هو يستطيع اللعب على حبال متنوعة، ثم
تكمل حياتها بين آهات وآهات،
إذا لنرى ماذا فعلت لاستقبال ذاك الزائر؟!
فقد زينت نصها بورود الكلمات وأعذب الألحان وكأنها تقدم قربانا ليحيى حتى ولو حلما بعيد المنال،
فهو الأمير الساحر القوي الشجاع ساكن الطرف وأحلام المساء،
هو ذاك الزائر الذي انتظرته طويلا ليلملم جراح الأمس ويجفف دموع سكبتها عيونها ليل نهار،
ويجمع شتاتها بعدما أضحت أشلاء مبعثرة على قارعة الوجع،
هو فارس الأحلام اللاجئ لحضن مهرة هكذا تتمنى!
لكن يبدو أنها تنتظر سرابا أو تنتظر زير نساء ينتقل من زهرة إلى أخرى في بستان مكتظ بنسوة لايعرفن سوى العيش في كنف اللهو والعبث،
فإذا كان هو يتنقل هنا أو هناك فبنات الليل أيضا ينتقلن من زير إلى آخر على نفس الوجع والجوع واللذة التي سرعان ماتنتهي بقبلة أو حضن دافئ،
لذلك نجد الشاعرة تنادي من سكن ضلوعها وبات ملكا على عرش قلبها، كفاك تعنتا وعبثا،
تعال إلي حيث الطهر والنقاء،
حيث الشموخ والكبرياء، وحيث محراب حبي وعشقي
وكن لي شمسي وظلي ووطني الشامخ الذي لا يعربد تحت سيقان بائعات الهوى!
تعالى (اطفئ لظى القلب بشهد الرضاب فإنما الأيام مثل السحاب)، فلا تتركني وترحل؛ فيأكل فؤادي الحنين!!
الإنتظار والشوق للحبيب قد تعجز الكلمات عن وصفه وقد يُصاب المرء بجنون الإنتظار إن طال هذا الأمر، ففي هذا الأمر شيء واحد ووحيد لا يشبه شيء آخر؛ وهو القبض على الجمر إلى لحظة مجيء من ينتظر
حينها فقط نلقي الجمرة التي نقبض عليها بكلتا اليدين.
فهل سيصدق ويأتي؟
أشك!!
حسين عبدالجيد / مصر